في طلعة البدر شيء من ملاحتها ... وللقضيب نصيب من تثنيها
ونظائر هذا أكثر من أن تحضى، فاعرفه. ولما شاع ذلك في كلام العرب واتسع صار كأنه أصل من بابه.
النوع الثالث من الباب الأول
في شجاعة العربية
وهو نوع من علم البيان تتكاثر لطائفه، وتتوفر محاسنه، لأن معظم البلاغة مندرجة في أثنائه، ومنطوية تحت ضروبه، إلا أني لم أجد شيئاً منه عند أرباب هذه الصناعة، ولا وجدته في كتاب مصنف في هذا الفن، سوى أني رأيت أبا الفتح عثمان بن جنى قد ذكر، في كتابه الموسوم بالخصائص، شيئاً من التقديم والتأخير، والحمل على المعنى لا غير، وقد ذكرنا نحن في هذا النوع أشياء عجيبة، ونكتاً طريفة، عثرنا عليها في أثناء القرآن الكريم، واعلم أن هذا النوع
ينقسم ستة أقسام:
[القسم الأول في الالتفات]
(الالتفات) الرجوع من الغيبة إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى الغيبة، يفعل ذلك على عادة العرب في افتنانهم في الكلام، وفيه فوائد كثيرة، لأن الكلام إذا نقل من أسلوب إلى أسلوب كان أحسن تطرية لنشاط السامع، وإيقاظاً للإصغاء إليه، من أجراته على أسلوب واحد، وليس يفعل ذلك اتساعاً فقط بل لأمر أعلى، ومهم من الغرض أعنى، فأما الرجوع من الغيبة إلى الخطاب فكقوله تعالى في سورة الفاتحة: (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم