ألا ترى ما أحسن هذا الأسلوب، وألطف مأخذه، وعلى متنه ينبغي أن يكون الاستعمال فاعرفه.
النوع الخامس من الباب الثاني
في الموازنة
وهي أن تكون ألفاظ الفواصل من الكلام المنثور متساوية في الوزن، وذلك نوع من التأليف شريف المحل، لطيف الموقع، وللكلام به طلاوة ورونق، وسبب ذلك الاعتدال، لأنه مطلوب في جميع الأشياء. وحيث كانت مقاطع الكلام معتدلة في الوزن لذ بها السمع ووقعت من القلب موقع الاستحسان، وهذا لا مراء فيه بحال من الأحوال لبيانه ووضوحه.
فمما جاء من ذلك قوله تعالى:(وآتيناهما الكتاب المستبين، وهديناهما الصراط المستقيم) وكذلك قوله تعالى: (قال يا هرون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن، أفعصيت أمري قال يبنؤّم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي، إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي). وعلى نحو منه ورد قوله تعالى:(من أعرض عنه فانه يحمل يوم القيامة وزراً، خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملاً).
ومن هذا الأسلوب قوله تعالى:(يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همساً يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا مَن أذن له الرحمن ورضي له قولاً، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً).
وعلى هذا المنهج جاء قوله تعالى:(وكذلك أنزلناه قرآناً عربياً وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكراً فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيهُ وقل ربي زدني علما). ومن ذلك قوله عز وجل: (فقلنا يا آدم