اعلم أن أكثر علماء هذه الصناعة قد أدخلوا (الأرداف) في التمثيل، وفي الفرق بينهما إشكال ودقة.
فأما التمثيل فقد سبق الإعلام به وهو شأن ترد الإشارة إلى معنى فتوضع الألفاظ على معنى آخر، وتكون تلك الألفاظ وذلك المعنى مثالاً للمعنى الذي قصدت الإشارة إليه والعبارة عنه كقولنا (فلان نقي الثوب) أي منزه عن العيوب.
وأما الأرداف فهو أن تراد الإشارة إلى معنى فيترك اللفظ الدال عليه ويؤتي بما هو دليل عليه ومرادف له كقولنا (فلان طويل النجاد) والمراد به طويل القامة، إلا إنه لم يتلفظ بطول القامة الذي هو الغرض، ولكن ذكر ما هو دليل على طول القامة، وليس نقاء الثوب دليلاً على النزاهة عن العيوب، وإنما هو تمثيل لها، فاعرف ذلك.
واعلم أن الأرداف يتفرع إلى خمسة فروع:
الأول: فعل المبادهة كقوله تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه) فإن المراد بقوله تعالى: (لما جاءه) أي إنه سفيه الرأي، يعني: إنه لم يتوقف في تكذيب وقت ما سمعه، ولم يفعل كما يفعل المراجيح العقول،
المتثبتون في الأشياء؛ فإن من شأنهم إذا ورد عليهم أمر أو سمعوا خبراً أن يستعملوا فيه الروية والفكر، ويتأنوا في تدبره إلى