ونحو هذا (المصدر) إذا جاء عقيب الكلام كان الشاهد بصحته، والمنادي على سداده وأنه ما كان ينبغي أن يكون إلا كما قد كان. ألا ترى إلى قوله: صنع الله وصبغة الله، ووعد الله، وفطرة الله. . . بعدما وسمها بإضافتها إليه، بسمة التعظيم، كيف تلاها بقوله:(الذي أتقن كل شيء).
وأما الثاني، وهو ضد الأول، وذلك ما يراد به تصغير الشأن، فكقولك إذا أخرت ذكر إنسان يريد ذمه:(قد ركب هواه، واستمر على غيه، وتمادى في جهله، وسحب ذيل عجبه. . .) وما أشبه ذلك. ثم تقول:(صنع الشيطان: الذي يخلب النفوس، ويسلب الألباب. . .) وأمثال هذا كثيرة فاعرفها.
النوع الحادي عشر من الباب الأول من الفن الثاني
في التقديم والتأخير مما لا يتعلق بعلم النحو
كتقديم المفعول على الفاعل، وتقديم الحال والظرف، أو غير ذلك، فإن هذا قد أفردنا له باباً، وجعلناه مقصوراً عليه، ومر ذكره في باب (شجاعة العربية).
وأما هذا الباب فانه يتعلق بتقديم الأشياء بعضها على بعض في الذكر؛ لاختصاص
أحدها بما يوجب له التقدم على الآخر، وذلك مما لا يحصره حد، ولا يأتي عليه شرح. وقد أشرنا نحن إلى نبذة منه، إذا تأملها الناظر في كتابنا هذا، يستدل بها على غيرها.
فمن ذلك تقديم السبب على المسبب؛ كقوله تعالى:(إياك نعبد وإياك نستعين. . .) فإنه