وأما تشبيه صورة بصورة، كقوله تعالى:(وله الجوار المنشات في البحر كالأعلام). فشبه صورة أجسام الفلك في كبرها وعظمها بالجبال، وذلك تشبه صورة مرئية. وكل واحد من هذه الأقسام الثلاثة، لا يخلو من ثلاثة أقسام أيضاً وهي:
تشبيه مفرد بمفرد، وتشبيه مركب بمركب، وتشبيه مفرد بمركب:
فالقسم الأول: تشبيه المفرد بالمفرد، وذلك كقول البحتري:
تبسمٌ وقطوبٌ في ندىً ووغىً ... كالغيث والبرق تحت العارض البرد
فهذا من أحسن التشبيه وأقربه. وهو تشبيه صورة بصورة، إلا أن في هذا البيت إخلالاً في الصيغة من حيث الترتيب والتفسير، فإن الأولى أن يقدم تفسير التبسم على تفسير القطوب، وسيأتي بيان ذلك في بابه.
ومن هذا القسم أيضاً، قول بعضهم في صفة السيوف والدروع:
وكأنما فوق الأكف بوارق ... وكأنما فوق المتون إضاءُ
وهذا من بديع التشبيه ونادره، فاعرفه. وكذلك قول بكر بن النطاح:
بيضاء تسحب من قيام فرعها ... وتغيب فيه وهو جًثْل أسحمُ
فكأنها فيه نهار ساطعٌ ... وكأنه ليل عليها مظلم
وأمثال هذا كثيرة.
القسم الثاني في تشبيه المركب بالمركب وذلك كقوله تعالى: