كان عاماً للأمرين جميعاً كان أبلغ مما اختص بأحدهما دون الآخر.
فإن قيل قد قلت في كتابك: إن ما كان مختصاً بأمر قوى في بابه أبلغ مما تردد بين أمرين أحدهما قوي والآخر ضعيف، وهذا الحكم قد وجدناه هاهنا في (فعيل وفاعل) ففيعل مختص باسم الفاعل من الصفات الذوية واسم الفاعل من الصفات العرضية، فالذي يختص بالأشرف الأقوى وحده أبلغ من الذي يترد بينه وبين ضده، وهو الأذني الأضعف. الجواب عن ذلك: أنا نقول قد سلمنا إليك أن (فاعلاً) الذي هو اسم الفاعل هاهنا متردد بين صفات الذوات والأعراض ولكن من أين لك، أيها المعترض (الشاهد)، بصحة ما ذكرته من أن (فعيلاً) الذي هو اسم الفاعل هاهنا يخص صفات الذوات دون صفات الأعراض، فإن هذا شيء لم ينتظم لك سلكه، ولإرسالك أصله، لأنه قد جاء (فعيل) أيضاً وهو (فاعل) من صفات الأعراض نحو (نبيه ووجيه وبصير وفقير) وأشباه (ذلك). فقد استوى إذن (فاعل) و (فعيل) في عمومهما لصفات الذوات والأعراض، ولم يكن لأحدهما مزية على الآخر في هذا المعنى، وتفرد (فاعل) بالمزية على (فعيل) فيما أشرنا إليه قبل هذا الموضع في هذا الباب من تعديه إلى معموله واختصاصه باسم الفاعل دون معنى المفعول، وقد مر ذلك مستوفى في مكانه، فاعرفه.
هذا ما صح لنا في الفرق (بين)(فاعل وفعيل) وأيهما أبلغ. والله الموفق. ومما أشرنا إليه من ذلك كفاية للعارف بهذه الصناعة، فانه ينبغي أن يكون خبيراً بقياس هذه الأشياء على نظائرها وأشباهها.
النوع السادس عشر من الباب الأول من الفن الثاني
في خذلان المخاطب
وهو الأمر بعكس المراد، ويدل ذلك على الاستهانة بالمأمور، وقلة المبالاة بأمره أي أني