فإن ذلك غير مناسب، لأنه إنما يكون يحسن الدل مع الغنج والشنب مع اللّمَس أو ما يجري مجراه من أوصاف الثغر والفم.
وأما القسم الثالث من النوع العشرين فهو أن يقابل الشيء بمثله، وهو ضربان: أحدهما التقابل في اللفظ والمعنى، والآخر التقابل في المعنى دون اللفظ، فالضرب الأول كقوله تعالى:(نسوا الله فنسيهم). وكقوله تعالى (ومكروا مكراً ومكرنا مكراً) وأمثال هذا كثيرة، والضرب الثاني فهو أن تقابل الجملة بمثلها: إن كانت مستقبلة (بمستقبلة) وأن كانت ماضية قوبلت بماضية، وربما قوبل الماضي بالمستقبل، والمستقبل بالماضي، وذلك إذا كان أحدهما في معنى الآخر: فمن ذلك قوله تعالى (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فيما يوحي إلي ربي) فإن هذا تقابل من جهة المعنى، ولو كان التقابل من جهة اللفظ لقال (وإن اهتديت فإنما أهتدي لها). وبيان تقابل هذا الكلام من جهة المعنى هو أن النفس كل ما هو عليها فهو بها، أعني أن كل ما هو وبال عليها وضار لها فهو بسببها ومنها، لأنها الأمارة بالسوء، وكل ما حولها مما ينفيها فبهداية ربها وتوفيقه إياها. وهذا حكم عام لكل مكلف، وإنما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسنده إلى نفسه، لأن الرسول إذا دخل تحته مع علو محله وسداد طريقه كان غيره أولى به، ومن هذا الضرب أيضاً قوله تعالى (أو لم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصراً إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون) فإنه لم يراع التقابل في قوله (ليسكنوا فيه والنهار مبصراً) لأن القياس