للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(الأول)، فاعرف ذلك.

النوع التاسع من الباب الأول من الفن الثاني

في التفسير بعد الإبهام

يفعل ذلك لتفخيم المبهم وإعظامه؛ لأنه هو الذي يطرق السمع أولا، فيذهب السامع كل مذهب كقوله تعالى: (وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع

مصبحين) ففسر (ذلك الأمر) بقوله: (دابر هؤلاء مقطوع). وفي إبهامه أولاً، وتفسيره بعد ذلك تفخيم للأمر، وتعظيم لشأنه، فإنه لو قال تعالى: (وقضينا إليه أن دابر هؤلاء مقطوع. . .) لما كان بهذه المثابة من الفخامة، فإن الإبهام أولاً يوقع السامع في حيرة وتفكّر، واستعظام لما قرع سمعه، وتشوق إلى معرفة كنهه، والاطلاع على حقيقته.

ومن هذا الباب قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم. . .) (فإنه إنما قال ذلك، ولم يقل: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم) لما في الأول من التنبيه، والإشعار بأن الصراط المستقيم هو صراط المؤمن، فدل عليه بأبلغ وجه، كما تقول: (هل أدلك على أكرم الناس وأفضلهم!؟) ثم تقول: (فلان) فيكون ذلك أبلغ في وصفقه بالكرم والفضل من قولك: (هل أدلك على فلان الأكرم الأفضل) لأنك تثبت ذكره مجملاً ومفصلاً، فجعلته علماً في الكرم والفضل، كأنك قلت: من أراد رجلاً جامعاً للخصلتين فعليه بفلان.

وعلى نحو من هذا جاء قوله تعالى: (وقال الذين آمن يا قوم اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد

<<  <   >  >>