يسقط الطير حيث يلتقط الحبُّ ... وتُغشى منازل الكرماء
أخذَهُ غير فقال، ولم يزد عليه شيئاً:
يزدحم الناس على بابه ... والمنهل العذب كثير الزحام
وعلى نحو من ذلك قول الآخر:
وإن يقوم سوَّدوكَ لحاجةً ... إلى سيد لو يظفرون بسيد
الضرب الثاني من القسم الثاني
وهو (المسخ)
وذلك عيب في الكلام فاحش، فما جاء منه قول الشريف الرضي:
أحن إلى ما تضمَن الخُمرْ والحُلي ... وأصدِف عما في ضمان المآزر
وقال المتنبي:
أني على شغفي بما في خُمْرها ... لأعفُّ عما في سراويلاتها
ألا ترى إلى هذا المسخ ما أقبحه، وذلك لو تأخر زمان المتنبي عن زمان الشريف الرضي. وبمثل ذلك يعرف التفاضل بين الشاعرين، وبين الكلامين؛ فقول الشريف على ما تراه من اللطافة والحسن، وقول أبي الطيب على ما تراه من الرداءة والقبح، قال تعالى:(وفوق كلّ ذي علم عليم) وأعلم أن ما كان من هذا الباب على سبيل (المسخ) فإنه كان على نحو من قول أبي الطيب، وفيما أشرنا إليه كفاية للمتأمل.