وهذا النوع خاتمة الأنواع من باب الصناعة المعنوية، وذلك مبلغ ما عرفناه من علم البيان، فيما يختص بالمعاني. إلا أني رأيت أبا محمد عبد الله بن سنان الخفاجي قد ذكر في كتابه نوعاً آخر فقال:(لا يستعمل في الشعر المنظوم والكلام المنثور ألفاظ المتكلمين والنحويين والمهندسين ومعانيهم، والألفاظ التي تختص بها بعض المهن والعلوم، لأن الإنسان إذا خاص في علم وتكلم في صناعة وجب عليه أن يستعمل ألفاظ ذلك العلم. و (كلام) أصحاب تلك الصناعة)، ثم مثل ذلك بقول
خرقاء يلعب بالعقول حَبابها ... كتلعُّب الأفعال بالأسماء
هذا ما ذكره الخفاجي في كتابه. ولنا عليه اعتراض وهو أنا نقول له: ما الموجب لجعلك هذا القسم مما يرفض ولا يستعمل؟ وما السبب في اجتنابه؟ فإن قال: إني إنما أنكرت استعماله وآثرت تركه واجتنابه، لأنه غير مفهوم. قلنا له في الجواب:
لا يخلو الأمر من هذا من حالين: إما إنه غير مفهوم للعامة أو للخاصة. فإن كان غير مفهوم للعامة فقط، فليس جهل العامة بهذا النوع من الكلام داعياً إلى اجتنابه. ولو كان فهم العامة معتبراً في اختيار الكلام لكان ما تبتذله من ألفاظها مقدماً على غيره في الاختيار (لأنهم)