للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موقع الجماعة، كقول الشاعر:

(ترى جوانبها بالشحم مفتونا)

والحمل على المعنى واسع في هذه اللغة. وأعلم أن العرب إذا حملت على المعنى، لم تكد تراجع اللفظ، كقولك: (شكرت من أحسنوا إلي على فعله) ويقال: (شابت مفارقه) وإنما هو مفرق واحد. ومما يؤكد عندك أن العرب إذا حملت على المعنى لم تراجع اللفظ، قوله تعالى: (ألم تر إلى الذين حاجّ إبراهيم في ربه أن آتاه الله المُلكَ إذ قال إبراهيم: ربّي الذي يُحْيي ويميت. قال: أنا أُحيي وأُميت، قال إبراهيم: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب. فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين) ثم قال: (أو كالذي مَرَّ على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها) الآية فإن ذلك محمول على المعنى، كأنه قال: أرأيت الذي حاج إبراهيم في ربه، أو كالذي مر على قرية فجاء بالثاني على أن الأول قد سبق كذلك، وأمثال هذا كثيرة.

وأما حمل الجماعة على الواحدة، فكقوله تعالى (بلى من أسلم وجهه لله، وهو مُحسن، فله أجره عند ربِّه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون فحمل أول الكلام على لفظ الواحد، وآخره على لفظ الجمع.

واعلم أن العرب تعتبر تارة اللفظ، وتارة المعنى، يقولون: (ثلاثة أشخص) فيثبتون التاء وإن عنواً مؤنثاً، ويقولون: (ثلاث أنفس) وإن عنوا رجالاً، لأجل اللفظ. ويقولون: (ثلاث شخوص) إذا عنو مؤنثاً، (وثلاثة أنفس) إذا عنوا مذكراً للمعنى فاعرف ذلك وقس عليه.

القسم الخامس من النوع الثالث

في التقديم والتأخير

وذلك مما يتعلق بعلم النحو، فإن لنا تقديماً وتأخيراً في الكلام، ولا يتعلق بالنحو، وليس

<<  <   >  >>