ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً). وكذلك قوله، عز اسمه:(ولقد قال لهم هارون من قيل: يا قوم إنما فتنتم به) إلى قوله (. . . ولم ترقب قولي) ألا ترى كيف حذف الفعل في هذا الموضع مكرراً فإن تقديره: فلما رجع موسى إليهم، ورآهم على تلك الحالة من عبادة العجل، قال لأخيه:(يا هرون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا. . .) الآية، وأخذ بلحيته ورأسه، إنكاراً عليه وغضباً. قال له هارون:(يا اُبن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي) الآية.
ومن هذا الضرب إيقاع الفعل على شيئين، وهو لأحدهما، كقوله تعالى:(فاجمعوا أمركم وشركاء كم) فأوقع الفعل من (اجمعوا) على أمركم وشركاءكم، وهو (لأمركم) وحده. وإنما المراد: أجمعوا أمركم، وادعوا شركاءكم؛ لأن معنى (أجمعوا): من أجمع الأمر، إذا نواه وعزم عليه. وقد قرأ أبي (فأجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم) وهذا دليل على أشرنا إليه، وكذلك هو مثبت في مصحف عبد الله بن مسعود فاعرف ذلك.
ومن حذف الفعل باب يسمى:(إقامة المصدر مقام الفعل).
وهو باب لطيف المأخذ، وإنما يفعل ذلك لضرب من المبالغة والتوكيد؛ كقوله تعالى:(فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب). قوله:(فضرب الرقاب) وأصله: فاضربوا الأعناق ضرباً؛ فحذف الفعل، وأقيم المصدر مقامه، وفي ذلك اختصار مع إعطاءه (معنى) التوكيد المصدري، فاعرفه.