وذلك معرفة العروض، وما يجوز فيه من الزحاف، وما لا يجوز، فإن الشاعر محتاج إليه. ولسنا نوجب عليه المعرفة بذلك لينظم بعلمه، فإن النظم مبني على الذوق، ولو نظم بتقطيع التفاعيل لجاء شعره متكلفاً غير مرضي، وإنما أريد للشاعر معرفة العروض لأن الذوق قد ينبو عن بعض الزحافات، ويكون ذلك جائزاً في العروض. وقد ورد للعرب مثله. فإذا كان الشاعر غير عالم به لم يفرق بين ما يجوز من ذلك وبين ما لا يجوز.
وكذلك أيضاً يحتاج الشاعر إلى العلم بالقوافي والحركات، ليعلم الروي والردف وما لا يصح من ذلك، فإذا أكمل مؤلف الكلام معرفة هذه الآلات، وكان ذا طبع مجيب وقريحة مؤاتية، فعليه بالنظر في كتابنا هذا، والتدبر لمشكلاته، والتصفح لما أود عناه من حقائق علم البيان، ونبهنا عليه من أصول ذلك وفروعه.