وأما النوع السادس وهو حفظ القرآن الكريم، والاطلاع على غرابته وعجائبه، فإن مؤلف الكلام ينبغي له أن يكون عارفاً بذلك، لأن فيه فوائد كثيرة، ومنافع زائدة، منها أن يضمن كلامه الآيات في أما كنها اللائقة بها، ومواضعها المناسبة لها، ولا شبهة فيما يصير للكلام بذلك، من الفخامة والجزالة والرونق، كما فعل الشيخ عبد الرحيم بن نباتة في خطبة فإنه أبدع في تضمين الآيات فيها، وسيأتي بيان ذلك في باب التضمين. ومنها أن المؤلف إذا عرف واقع البلاغة وأسرار صناعة الكلام، في تأليف القرآن الكريم، اتخذه بحراً، يستخرج منه الدرر والجواهر، ويودعها في مطاوي كلامه. وكفى بالقرآن الكريم وحده آلة لمؤلف الكلام. فعليك أيها المترشح لهذه الصناعة بحفظه، والفحص عن سره الخفي، وغامض علمه المستور، فإنها تجارة للمؤلف لا تبور، ومنبع لا يغور، وكنز يرجع إليه، وذخر يعول في جميع كلامه عليه.
وأما النوع السابع، وهو تحفظ أخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم - مما يحتاج مؤلف الكلام إلى استعماله، فإن الأمر يجري في ذلك مجرى القرآن الكريم، وقد