للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها، ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) ألا ترى كيف قال: (أهدكم سبيل الرشاد) فأبهم: (سبيل الرشاد) ولم يبين أي سبيل هو، ثم فسر ذلك فافتتح كلامه بذم الدنيا، وتصغير شأنها، لأن الإخلاد إليها أصل الشر كله، ثم ثنى ذلك بتعظيم الآخرة والاطلاع على حقيقتها، وأنها هي الموطن والمستقر، ثم ثلث بذكر الأعمال، سيئها وحسنها، وعاقبة كل منهما، ليثبط عما يتلف، وينشط لما يزلف، فكأنه قال: سبيل الرشاد هو الإعراض عن الدنيا، والرغبة في الآخرة، والامتناع من الأعمال السيئة، خوف المقابلة عليها، والمسارعة إلى الأعمال الصالحة، رجاء المجازاة

عليها.

وكذلك (جاء) قوله تعالى: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت. . .) ولم يقل قواعد البيت، لما في إبهام القواعد، وتبيينها بعد ذلك من الايضاح، وتفخيم حال المبين مما ليس في الإضافة.

ومن هذا الباب قوله تعالى: (وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لعلّي ابلغ الأسباب أسباب السموات فاطلع إلى إله موسى. . .) الآية (فإنه) لما أراد تفخيم ما أمَّل فرعون من بلوغه أسباب السموات، أبهمها أولاً ثم فسرها ثانياً، ولأنها لما كان بلوغها أمراً عجيباً، أراد أن يورده على نفس متشوفة إليه، ليعطيه السامع حقه من التعجب فأبهمه ليشوق إليه نفس هامان، ثم أوضحه بعد ذلك.

ومما يدخل في هذا الباب الابتداء بذكر الضمير ثم الإفصاح بذكر صاحبه بعده، كقوله

<<  <   >  >>