وهذا كلام دقيق يحتاج إلى زيادة تأمل ومراجعة. ومما يجعل على ذلك الأوصاف الخاصة إذا وقعت على شيئين، وكان يلزم وصف أحدهما وصف الآخر، ولا يلزم عكس ذلك؛ نحو الطول والعرض؛ فإنه إذا قيل: مربع عرضه مائه ذراع، لزم أن يكون طوله إما مثلها أو أكثر منها. قال الله تعالى:(وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض) فإنه إنما خص العرض بالذكر دون الطول؛ لأن الطول أكثر من العرض. والمعنى: أنه إذا كان هذا عرضها فكيف يكون طولها؟ هذا في حالة الإثبات، ولو أريد النفي لكان له أسلوب غير ما ذكرنا؛ وهو أن كان يخص به الطول دون العرض؛ وذلك موضع كثير الاشكال؛ فينبغي أن يكون المؤلف بصيراً باستعماله؛ على اختلاف حالاته وتشعب مذاهبه.
وأما الأسماء المفردة الواقعة على الجنس، فنحو قوله تعالى في قصة نوح - عليه السلام -: (قال الملأ من قومه إنا لتراك في ضلال مبين قال: يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين) فإنه إنما قال: (ليس بي ضلالة) ولم يقل: ضلال لأن (نفي) الضلالة أبلغ في نفي الضلال عنه؛ كما لو قيل لك:(ألك تمر؟) فقلت في الجواب: ما لي تمرة) كأن ذلك أنفى للتمر. ولو قلت:(ما لي تمر) لما كان مؤدباً من المعنى ما كان يؤديه القول