واتبع هواه) أي لا تطع من فعل كذا وكذا. يعدد أفعاله، التي توجب ترك طاعته، فاعرف ذلك وقس عليه.
وأما حرف الجر فنحو قوله تعالى:(قل من يرزقكم من السموات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) ألا ترى إلى بداعة هذا المعنى المقصود بمخالفة حرفي الجر هاهنا فإنه إنما خولف بينهما في الدخول على الحق والباطل لأن صاحب الحق كأنه مستعلٍ على فرس جواد يركض حيث يشاء، وصاحب الضلال كأنه منغمس في ضلاله مرتبك فيه فلا يدري أين يتوجه، وهذا معنى دقيق قلما يراعي في الكلام وكثيراً ما سمعت إذا كان الرجل يلوم صديقه أو
يعاتب خليله على أمر من الأمور فيقول له (أنت على ضلالك القديم كما أعهدك) وهذا وإن كان جائزاً في الكلام إلا أن استعمال (في) هاهنا أولى لما أشرنا اليه، ومن هذا النوع قوله تعالى:(إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل) فإنه إنما عدل عن اللام إلى (في) في الثلاثة الأخيرة للإيذان بأنهم أرسخ في الاستحقاق والتصدق عليهم ممن سبق ذكره، لأن (في) للوعاء فنبه على أنهم أحقاء بأن توضع فيهم الصدقات ويجعلوا مظنة لها وذلك لما في فك الرقاب وفي الغرم من التخلص وتكرير (في) في قوله تعالى (وفي السبيل) فيه فضل وترجيح له على الرقاب وعلى الغارمين، وأمثال هذا مما يوجب مراعاته والاعتناء به (كثيرة) فاعرفه.