ولو كفي اليمين بغتك خوفاً ... لأفردت اليمين من الشمالِ
ألا ترى أنه يعلم، إذا عرفت القافية في البيت الأول، أن في البيت الثاني يكون ذكر الشمال.
وقال البحتري:
أحلّتْ دمي من غير جُرم وحرّمت ... بلا سبب يوم اللقاء كلامي
فليس الذي حَلَّلتِهِ بمحلَّلٍ ... وليس الذي حرَّمتِهِ بحرامِ
فليس يذهب على السامع وقد عرف البيت الاول، والمصراع الأول من البيت الثاني منه (أن عجزه هو ما) قاله البحتري، فاعرف ذلك، وقس عليه.
ومن هذا الأسلوب قوله تعالى:(وما كان الناسُ إلا أمةً واحدةً فاختلفوا، فلولا كلمة سَبَقَتْ من ربك لَقُضي بينهم فيما فيه يختلفون). فإذا وقف السامع على قوله (فيما فيه) عرف أن بعده (يختلفون) لما تقدم من الدلالة عليه.
ومن ذلك أيضاً قوله تعالى:(ومنهم من خَسَفنا به الأرض، ومنهم من أغرَقْنا، وما كان الله ليَظْلمَهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون). وعلى نحو منه ورد قوله - عز من قائل - (كمثل العَنكبوت اتّخَذتْ بيتاً، وإنَّ لأوهَنَ البُيوت لَبَيْتُ العنكبوت) فإذا وقف السامع على قوله: (وإن أوهن البيوت) يعلم أن بعده (لَبَيْتُ العَنْكبوت).