للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الجاحظ: (نحن قوم نسحر بالبيان، ونموه بالقول، والناس ينظرون إلى الحال ويقضون بالعيان فأثر ذلك في أمرنا أثراً ينطق إذا سكتنا، فإن المدعي بغير بينة متعرض للتكذيب). فهذا معنى قول نصيب فعل به ما ترى. وأمثال الكناية كثيرة، فاعرفها.

وأما الضرب الثاني من الكناية فهو الذي يقبح ذكره ولا يحسن استعماله كقول أبي الطيب:

إني على شغفي بما في خمُرِها ... لأعفّ عمّا في سراويلاتها

فإن هذه كناية عن النزاهة والعفة. وعلم الله - عز وجل - أن الفجور لأحسن منها ولقد ذكر الشريف الرضي هذا المعنى فأبرزه في أجمل صورة فقال:

أحنُّ إلى ما تضمن الخُمر والحِلي ... وأصدف عما في ضمان المآزر

ألا ترى إلى هذه الكناية ما ألطفها، والمعنيان سواء. وبهذا تعلم فضل الشاعرين أحدهما على الآخر؛ وذلك إذا أخذا معنىّ واحداّ فصاغه أحدهما في صياغة مفردة

عن صياغة الآخر، فاعرف ذلك.

وأما التعريض فقد جوّزه - الله تعالى - في خطبة النساء كقوله - تعالى -: (ولا جناح

<<  <   >  >>