للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(أهن عوادي يوسف وصواحبه)

استرذل ابتداءها فاسقط القصيدة كلها حتى عاد إليه أبو تمام ووقفه على موقع الاختيار منها وهو:

إليك جزعنا مغرب الشمس كلما ... أجزنا ملاً صَلَّتْ عليك سياسيه

وغير ذلك مما ذكره أبو تمام في قصيدته، فلما وقف أبو العميثل عليه راجع عبد

الله بن طاهر فأجازها له. ولأبي تمام ابتداءات كثيرة تجري هذا المجرى كقوله:

(قدك آنئد أربيت في الغلواء).

فإن الابتداء المستكره ليس من شرطه أن يكون مما يتطير به فقط وإنما يكون مستكرهاً كما أشرنا إليه من قول أبي تمام وما جانسه، فاعرف ذلك.

واعلم أن الابتداء البديع البارع يكون داعياً إلى الإصغاء إلى ما بعده من الكلام، ألا ترى أن الله تعالى قال: (حم، ألم، وطسم، وكهيعص). فيقرع الأسماع شيء بديع، ليس لها بمثله عادة فيكون ذلك داعياً لها إلى الاستماع، ولذلك استحسن من الابتداءات في الكتب (الحمد لله) لأن النفوس تتشوف إلى تمجيد الله - عز وجل - والثناء عليه، وتميل إلى معرفة ما يأتي بعده من الكلام.

ومن أحسن الابتداءات ما ذكره مهيار فإنه أتى بالمعنى المقصود من أول كلامه فقال:

أما وهواها عِذْرَةّ وتنصُّلاً ... لقد نقل الواشي إليها فأمحلا

سعى جُهدَه لكن تجاوز حدَّهُ ... وكثَّر فارتابت ولو شاء قلّلا

ألا ترى ما ألطف هذا الاعتذار الذي قد أبرزه في هيئة القول، وأخرجه في معرض النسيب،

<<  <   >  >>