للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث يقول:

إذا ما غزا بالجيش حلَق فوقه ... عصائب طَيرٍ تُهْتدي بعصائب

جوانح قد أيقنً أنَّ قبيلة ... إذا ما التقى الجمعان أول غالبِ

لأنه ليس عند الطيور في اتباع الجموع والعساكر إلا ما يسقط من ركابهم ودوابهم إذ كانوا قد رأوا ذلك من تلك الجموع، وألفوه منها، فأما أن يقصدوا بالأمل واليقين لأحد الجمعين بالادالة والغلبة فهذا لم يقله أحد). وقيل أن بعض أفراد هذه الصناعة لما سمع قول قيس ابن الخطيم.

ملكت بها كفى فانْهَرت فتقهَا ... يرى قائمٌ من دونها ما وراءها

قال: هذا لم يطعنه وإنما فتح فيه بابا أبو دربا.

واعلم أن علماء البيان في استعمال الإفراط على ثلاثة أضرب:

(١) فمنهم من يكرهه ولا يراه صواباً كأبي عثمان الجاحظ فيما روي عنه.

(٢) ومنهم من يختاره ويؤثره كقدامة بن جعفر الكاتب فإنه كان يقول:

(الغو عندي كان أجود المذهبين فإن أحسنَ الشعر أكذبه).

(٣) ومنهم من يذهب إلى التوسط بين الغلو والتفريط، وهو الاقتصاد، وذلك أن يجعل الغلو وهو الإفراط مثلاً ثم يستثنى فيه ب (لو) أو ب (كاد) أو ما جرى هذا المجرى، فيدرك مراده ويسلم من عيب عائب، أو طعن طاعن، وذلك كقول بعضهم:

يكاد يمسكه عرفانَ راحته ... ركنُ الحطيم إذا ما جاَء يَسْتَلِمُ

<<  <   >  >>