إن الليالي للأنام مناهل ... تُطوى وتُنْشَرُ دونها الأعمال
فقصارهنّ مع الهموم طويلة ... وطوالهن مع السُّرور قصار
وقال الآخر:
كم من حمار على جَوادٍ ... ومن جَوادٍ على حمار
وهذا ضرب من التجانس له حلاوة ورونق، فاعرفه، وقد سماه قدامة بن جعفر الكاتب (التبديل). وذلك اسم مناسب لمسماه لأن المؤلف يأتي بما كان مقدماً في جزء كلامه الأول مؤخراً في الثاني، وبما كان مؤخراً في الأول مقدماً في الثاني ومثله قدامة بقول بعضهم:(أشكر من أنعم عليك وأنعم على من شكرك) ومن هذا
القسم قوله تعالى:(يخرج الحيّ من الميت ويخرج الميت من الحي) وقوله - تعالى - (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها، وما يمسك فلا مرسل له من بعده). وقال بعضهم:
تلك الثنايا من عِقدها نظمت ... أم نظم العقْدُ من ثناياها
وأشباه ذلك كثيرة فاعرفها.
وأما الضرب الثاني من القسم وهو (عكس الحروف) فكقول بعضهم:
أهديت شيئاً يقل لولا ... أحدوثة الفأل والتبركْ
كرسي تفاءلت فيه لما ... رأيت مقلوبه (يسرُّك)
وكذلك قول الآخر:
كيف السرور بإقبال وآخرُهُ ... - إذا تأملته - مقلوب إقبال
وهذا الضرب نادر الاستعمال؛ لأنه قلما تقع كلمة تقلب حروفها فيجيء معناها صوابا، فاعرف ذلك.