للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الألف، نحو (حماليق، وقيتال) فإن الياء هاهنا بدل من ألف حملاق وألف (قاتلت). الجواب عن ذلك أنا نقول: ليست هذه الصورة في الدليل الذي أوردناه نحن، لأن لفظ (باع، وسار، واختار) على وزنه لم يغير عنه، وذلك إنه فعل ماض، فلما رأينا العرب قد أبدلت الياء في هذا الموضع ألفاً، مع إنه لم يتغير وزنه يجمع ولا غيره، علمنا أنهم إنما فعلوا ذلك استثقالاً ألا ترى أن (حماليق) جمع (حملاق) (وقيتالا) مصدر (قاتلت) فلم تبدل الألف هاهنا ياء طلباً للخفة وإنما أبدلت اضطراراً، لئلا يلتبس الأمر عليهم. فانهم لو قالوا: جمع (حملاق) (حمالاق) لما عرف أن ذلك جمع؛ لأنه ليس في الجمع (فعالال). ألا ترى إن أصل (حملاق) من (حملق) على وزن فعلل. وهو رباعي، وقد جمع الرباعي على (فعاليل) نحو (برائين) و (دماميل) فحملت لفظة (حماليق) على ذلك، فالياء إذا ليست مبدلة من الألف هاهنا استثقالاً للألف بل اضطراراً، لئلا يلتبس الأمر في ذلك. وكذلك (قيتال) فإن أصله من (قاتلت) ومصدر فاعلت، جاء على (مفاعلة وفيعال) نحو (مقاتلة وقيتال) فلو قيل عوضاً عن قيتال (قاتال) على وزن (فاعال) لالتبس الأمر في ذلك أيضاً. وذاك إنه ليس في أوزان المصادر (فاعال) فالياء إنما أبدلت في هذا الموضع من الألف اضطراراً لا استثقالاً. ألا ترى إنها قد حذفت منه وأسقطت بالكلية، فقيل (قاتلت قتالاً)، ولم يفعل ذلك إلا طلباً للخفة، لأنهم لما أبدلوا الياء، وهي ثقيلة، من الألف، وهي خفيفة، كان ذلك بخلاف عادتهم ونشأتهم؛ لأن من عادتهم أن يعدلوا عن الأثقل إلى الأخف لا إلى الأثقل. لكنهم لما اضطروا إلى إبدال الياء من الألف لم يتركوا الياء على حالها، بل حذفوها وأسقطوها كما أريناك. وكذلك فعلوا في لفظة (حماليق) أيضاً، فإنها لما أبدلت الياء فيها من الألف، حذفوا الياء أصلاً وأسقطوها فقالوا: (حمالق) على وزن (فعالل) كما قالوا (دراهم وبرائن) وكما طردوا كذلك جميع أوزان الرباعي،

فاعرف ذلك وقس عليه.

<<  <   >  >>