فالأول: كمشيئة الله لخلق إبليس وجنوده، ومشيئة الله العامة لجميع ما في الكون مع بغضه لبعضه.
والثاني: كمحبته سبحانه إيمان الكفار، وطاعات الفجار، وعدل الظالمين، ولو شاء الله لذلك لحصل كله، والله عز وجل لم يأمر عباده بالرضا بكل ما خلقه وشاءه، بل أمرهم بالرضا بكل ما أمر الله ورسوله به.
فالرضا بالقضاء الديني الشرعي واجب، وهو أساس الإسلام.
والرضا بالقضاء الكوني القدري الموافق لمحبة العبد كالعافية والغنى أمر لازم بمقتضى الطبيعة.
والرضا بالقضاء الكوني القدري الجاري على خلاف مراد العبد ومحبته مما لا يلائمه، ولا يدخل تحت اختياره، كالمرض والفقر، والحر والبرد، وأذى الخلق له، كل ذلك مستحب.
والرضا بالقدر الجاري عليه باختياره مما يكرهه الله ويسخطه وينهى عنه، كل ذلك محرم يعاقب عليه؛ لأن الله لا يحبه ولا يرضاه، ولم يأمر به، كأنواع الظلم والفسوق والعصيان.
والله حكيم عليم يشاء أمراً وهو لا يحبه ولا يرضاه، بل يكرهه ويسخطه؛ لأنه يفضي إلى ما هو أحب إليه من غيره.
كما خلق إبليس الذي هو سبب كل فساد ومعصية، ومع هذا فهو وسيلة إلى محابٍّ كثيرة للرب ترتبت على خلقه، وجودها أحب إليه من عدمها.
كظهور قدرة الله في خلق المتضادات، وظهور العبوديات المتنوعة كعبودية الجهاد، وعبودية التوبة والاستغفار وغيرها.