والله حكيم عليم، فحين ظهرت آثار رحمة الله في الأرض، ونزلت الهدايات في كثير من البقاع، حصل العطش لتعلم دين الله، وزادت الرغبة في العمل بأحكامه، فساق الله من شاء من عباده لجمع أحكام الدين، وجني ثماره من ينابيعه الصافية من القرآن والسنة، لتهدى لهم طيبة مباركة، خالصة من الشوائب والأكدار.
فهو سبحانه الحكيم الخبير بما يصلح عباده، فهو الذي ساق هذا ليدعو، وهذا ليعلِّم، وهذا ليكتب، وهذا ليقرأ؛ ليتم أمره، ويظهر فضله، ويجزل العطاء لهذا وهذا.
فهو سبحانه الكريم الذي يعطي بلا نوال، ويكرم بالثواب الجزيل على العمل القليل، ولا يبالي كم أعطى، ولمن أعطى، الذي إذا قدر عفا، وإذا عاهد وفَّى.
وقد يسر الله لي بفضله وكرمه وتوفيقه وعونه السير في كثير من أقطار الأرض، والاطلاع على كثير من الكتب الإسلامية، فرأيت في هذا وهذا الحسن والقبيح، والطيب والخبيث، والصحيح والسقيم، والسمين والهزيل، والحلو والمر، وغير ذلك مما شاع وذاع، وملأ الأبصار والأسماع.
فسألت العزيز الكريم الرحيم أن يجمع البشرية كلها على الدين الحق، وتضرعت إليه أن يبعث لهذه الأمة من يجدد لها دينها في الأرض كلها.
ثم وفقني ربي عز وجل إلى ما يحبه ويرضاه، وأعانني على ما أرجو أن تصلح به أحوال الأمة، فتجولت في رياض العلم، وسرت في بساتين الفقه، واستمتعت بأنوار التوحيد والإيمان.
فوجدت من الثمار ما يحار الإنسان من أيها يقطف، ومن الجواهر من أيها يأخذ،