ثم إن الناس بطبيعة الحال إذا أحبوا أحداً لم يروه تتشوف قلوبهم ونفوسهم إلى معرفة صفاته، خاصة من لم يرزق رؤيته مناماً، وهذا حال أكثر الناس.
فنقول: إن وصفه صلى الله عليه وسلم علمياً على النحو الآتي: كان عليه الصلاة والسلام يجعل شعره أول الأمر على الناصية، وهذا ما يسمى عند العلماء بالسدل، وكان يفعل هذا لأن اليهود كانت تفعله، وكان مخيراً بين أمرين، إما أن يفعل مثل عباد الأوثان سكان الجزيرة، وإما مثل فعل أهل الكتاب، فكان أحب إليه أن يشابه أهل الكتاب من أن يشابه عباد الأوثان؛ لأن أهل الكتاب -وإن كانوا على خطأ في الجملة- لهم كتاب يرجعون إليه، فكان يضع شعر رأسه مسدلاً على ناصيته، ثم جاءه جبريل بالتفريق، ففرق صلى الله عليه وسلم، فأخذ يضع شعره ذات اليمين وذات الشمال صلوات الله وسلامه عليه.
وهذا الشعر وصف بأنه رجل وبأنه سبط، والشعر إما أن يكون مسترسلاً ناعم جداً، وإما أن يكون غير ذلك، وهو صلى الله عليه وسلم كان شعره وسطاً بين هذين، فلم يكن ناعماً جداً ولم يكن شعراً جعداً صلوات الله وسلامه عليه.