والرحلة الثانية كانت -كما ذكر المصنف- مع ميسرة غلام خديجة، وهي أحد الأسباب التي أرادها الله أن تقع ليتزوج صلى الله عليه وسلم من خديجة بنت خويلد.
ونقف هنا عند خديجة بنت خويلد رضي الله تعالى عنها وأرضاها، فـ خديجة لها خصائص لا يشاركها فيها واحدة من أمهات المؤمنين، ولها خصيصة واحدة لا يشاركها فيها واحدة من نساء العالمين، فمن الخصائص التي لم يشاركها فيها واحدة من أمهات المؤمنين: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج عليها وهي حية، فلم يجمع بينها وبين غيرها من النساء.
والثانية: أن الله رزقه منها الولد، ولم يرزقه الولد من غيرها، إلا ما كان من جاريته مارية أم إبراهيم.
فهذه من الخصائص التي تفردت بها خديجة رضي الله تعالى عنها عن أمهات المؤمنين.
وأما الخصيصة التي تفردت بها عن نساء العالمين أجمعين فهي أن الله جل وعلا بلغها سلامه مع جبريل عليه السلام، وهذه خصيصة لا يعلم نقلاً أن واحدة من نساء العالمين نالتها، فرضي الله تعالى عنها وأرضاها، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين- أنه قال:(إني رزقت حبها)، أي: حب خديجة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
والمقصود أن الرحلة الثانية له صلى الله عليه وسلم كانت إلى الشام، وخديجة هي أول نسائه، وسيأتي فصل عن نسائه صلوات الله وسلامه عليه.
فلما بلغ خمساً وعشرين سنة تزوج خديجة عليها السلام، هكذا قال المصنف، فلما بلغ أربعين سنة اختصه الله بكرامته.