ومن أزواجه صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان، واسمها رملة كما قال المؤلف، وهذا فيه وهم؛ لأن رملة اسم لأختها على الصحيح، وقد هاجرت مع زوجها عبيد الله بن جحش إلى أرض الحبشة فتنصر بالحبشة وأتم الله لها الإسلام، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بأرض الحبشة.
وأم حبيبة بنت أبي سفيان تتعلق بها أمور: أولها: أنها خرجت مع زوجها عبيد الله بن جحش هجرة إلى الحبشة فراراً بالدين، فهذا عبيد الله بن جحش أخذ زوجته وترك مكة التي فيها أهله ومقامه، وهاجر إلى الحبشة فراراً بدينه فتنصر، أي: بالحبشة، وارتد عن الإسلام ومات على الكفر، فنسأل الله جل وعلا الثبات على دينه فلا يغتر أحد بعمل، والمرء إذا سجد وإذا أحس بالقرب من الله في دعائه فإنه يسأل الله الثبات على الدين، ولا تجزم لأحد تراه لا بجنة ولا بنار، فإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وسل الله لنفسك ولمن تحب وللمؤمنين الثبات على دينه.
فلما تنصر زوجها وارتد تركها، فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ملك الحبشة يخطبها، فخطبها النجاشي لنبينا صلى الله عليه وسلم، وأصدقها النجاشي نيابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة دينار، فهي أكثر نساء النبي صلى الله عليه وسلم صداقاً، فلما جاءت عنده في المدينة، ولما أخلت قريش بصلح الحديبية جاء أبو سفيان ليجدد الصلح، فدخل عليها في المدينة، فلما دخل عليها كان فراش النبي صلى الله عليه وسلم مفرداً، فطوت الفراش، فقال لها أبوها وهو زعيم قريش يومئذ على الكفر، قال: يا ابنتي والله لا أدري أرغبت بي عن الفراش أو رغبت بالفراش عني! أي: هل أنا لا أستحق أن أجلس عليه أو أن هذا الفراش لا يليق بي، فقالت: هذا فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت امرؤ مشرك نجس، فما أحببت أن تجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من موالاتها لنبيها عليه الصلاة والسلام وبراءتها من أهل الشرك ولو كان أباها.