للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر غزوة بدر الكبرى]

وبدر هي أول معركة في الإسلام، وهذه المعركة بعدها كان الصحابة على ثلاثة أقسام: قسم حمى النبي صلى الله عليه وسلم، وقسم تتبع فلول قريش، وقسم جمع الغنائم.

ولم يكن يوم ذاك غنائم من قبل ليمضي بهذه الغنائم على السنة الأولى، فاختصموا في الغنائم، فذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه، فأنزل الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ} [الأنفال:١]، ولم يأت جواب، فقال الله تأديباً لهم: {قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال:١]، أي: احرصوا على جمع الكلمة، وليس الصحيح أن تختصموا من أجل غنائم، فالمهم أن تتآلف قلوبكم، وأن يتوحد رأيكم، وأن تجتمع كلمتكم، ثم بعد أربعين آية في نفس السورة قال الله جل وعلا: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال:٤١] إلى آخر الآية فبين جل وعلا كيفية تقسيم الغنائم.

ثم اختلفوا في الأسرى، فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم الصديق والفاروق، فـ الصديق أشار عليه بقبول الفدية، والفاروق أشار عليه بالقتل، فشبه صلى الله عليه وسلم الصديق بإبراهيم عندما قال عليه الصلاة والسلام: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} [إبراهيم:٣٦] أي: الأصنام: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي} [إبراهيم:٣٦] فلم يدع عليهم، بل قال: {فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم:٣٦].

وشبه الفاروق بنوح حين قال: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح:٢٦ - ٢٧]، ثم أخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي الصديق وقبل فداء الأسرى، فنزل القرآن يعاتبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>