وحمزة هو أخو النبي عليه الصلاة والسلام من الرضاعة، وكنيته أبو عمارة، ولم يترك إلا ابنة ماتت قبل أن تنجب، فالنسب إذاً إلى حمزة منقطع، فلا يوجد أحد اليوم من ذرية حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وأرضاه، وهذا الصحابي الجليل أسلم قديماً، أي: أنه من السابقين الأولين من المسلمين، ثم هاجر مع النبي عليه الصلاة والسلام، وكان ينصر الرسول في مكة، فلما هاجر كان فارساً مقداماً ورجلاً شجاعاً، فلما كانت يوم بدر كانت لـ حمزة اليد الطولى في رفع لواء أهل الإسلام؛ لأنه كان رجلاً فارساً مغواراً، فكان أكثر من مات من القرشيين مات بسبب قتل حمزة له، وممن قتل رجل يقال له: مطعمة بن عدي، ومطعمة هذا عم لرجل اسمه جبير بن مطعم، فـ مطعم ومطعمة أخوان، ومطعم له ابن اسمه جبير أسلم بعد ذلك.
فـ جبي ر هذا جاء لغلام اسمه وحشي، ووحشي هذا كان عبداً عند جبير، ولا يعنيه هل ينتصر المسلمون أو ينتصر الكافرون، لا تضره ذلك شيئاً، لكنه كان غلاماً يجيد الرمي بالحربة، فجاءه جبير وعرض عليه أكثر شيء يتمناه وهو الحرية، فقال له: إن قتلت حمزة فأنت حر، فأعد وحشي حربة له، ولما جاء أبو سفيان بجيشه في أحد جاء معه، وليس له هم إلا حمزة، فتربص به والناس يقتتلون، وهو لا ينتصر لا لهؤلاء ولا لهؤلاء، ويوجد في كل قوم أقوام من الساقة ليس عليهم بأس، فأخذ يتربص بـ حمزة وحمزة يفتك في الناس، حتى جاء حمزة لرجل قرشي كانت أمه تختن النساء في الجاهلية، فناداه حمزة: هلم إليّ يا بن كذا وكذا يسبه ويعيره بأمه، ثم ضربه فمات، فلما فرغ والتف إذا بـ وحشي يرميه بالحربة فسقطت في أعلى سرته ونزلت من ثنته، فسقط على الأرض وأخذ يتلوى، ولم يكن بجواره أحد ينقذه، يقول وحشي راوي الخبر: وأنا أنظر إليه، أي: أنه يريد الحربة، قال: وأنا أنظر إليه حتى تيقنت أنه مات، فقام إليه وحشي وأخذ الحربة، قال وحشي: وليس لي شأن ولا هم في غيره، فهمّي حريتي وقد نلتها، ثم انتظر قليلاً حتى ينتهي الناس من الحرب، وجاءت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان فكأنها قطعت شيئاً من جسد حمزة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وحمزة قد مثّل به فحزن حزناً شديداً، وكان عليه الصلاة والسلام يحب حمزة حباً شديداً، فقال: لولا أن تبكي عليه صفية وهي عمة النبي صلى الله عليه وسلم وأخت حمزة الشقيقة -لتركت حمزة هكذا حتى يحشر من بطون السباع والوحوش والطير، لكنه دفنه عليه الصلاة والسلام كما دفن معه بقية الشهداء وقال عليه الصلاة والسلام بعد ذلك:(سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ثم ذكر رجلاً آخر يقوم إلى إمام جائر فيأمره فينهاه فيقتله الإمام).