للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سلام الله تعالى عليها]

الخصيصة الإلهية الثانية: أنه نزل جبريل من السماء -كما في الخبر الصحيح- فقال لنبينا صلى الله عليه وسلم: (هذه خديجة بنت خويلد ستأتيك، فإذا هي أتتك فاقرئها من الله ومني السلام، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.

فلما جاءت خديجة أخبرها النبي صلى الله عليه وسلم بما قال جبريل، فقال: إن الله يقرئك السلام وجبريل يقرئك السلام).

ولم يبلغنا -فيما نعلم- أن الله جل وعلا أرسل سلاماً إلى امرأة إلا لـ خديجة بنت خويلد، وهذه المنقبة لو عرفت مقدار عظمة الله لعرفت مقدار عظمتها، وذلك أن يبعث الله بسلام منه إلى امرأة تمشي على قدميها بين الناس، والرسول بين الله وبين خديجة جبريل، ثم محمد صلى الله عليه وسلم، وانظر إلى تأدب جبريل، فقد كان بإمكان جبريل أن يقول هذه الرسالة لـ خديجة مباشرة، ولن يغار النبي صلى الله عليه وسلم من جبريل؛ لأن جبريل ليست الشهوة موجودة فيه، فالملائكة لا يتناكحون ولا يتناسلون، ولكن كل شيء له باب، والله يقول: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة:١٨٩]، فلا يعقل أن يكلم أحد زوجة رجل وهو موجود، فأقرأه جبريل السلام لها فأقرأها النبي صلى الله عليه وسلم السلام.

ثم انظر إلى فقهها رضي الله عنها مع أن الإسلام في أول أيامه، فقد قالت: إن الله هو السلام، وعليك وعلى جبريل السلام.

ولم تقل: وعلى الله السلام، مع أن الصحابة لما هاجروا إلى المدينة وفرضت الصلاة كانوا يقولون: السلام على الله، السلام على جبريل، فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله هو السلام، ولا ينبغي أن يقال: السلام على الله، وعلمهم صلى الله عليه وسلم يقولون، فهذه من مناقبها رضي الله عنها وأرضاها، وهاتان خصيصتان من الله جل وعلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>