للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تغسيل النبي بعد وفاته]

قال: وغسله علي بن أبي طالب وعمه العباس والفضل بن عباس.

الذين تولوا غسله صلى الله عليه وسلم ستة: علي والعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وابنا العباس: الفضل وقثم، وأسامة بن زيد ابن مولاه، وشقران واسمه صالح، وهو مولى النبي صلى الله عليه وسلم، من هذا تفهم أن أولى الناس بالميت عصبته، ولا يمكن لأحد أن يقدم على عصبة الميت في القيام بشأن الميت وإلا لقدم أبو بكر وعمر في غسل النبي صلى الله عليه وسلم، لكن أي ميت فأهل بيته وعصبته هم أولى به، وعلي رضي الله عنه يظهر أن العباس تنازل له عن شيء في الوصية القائمة على القيام بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما قلنا هذا لأن أوس بن خولي وهو أنصاري رضي الله عنه أحب أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغسل، فأخذ ينادي من وراء الدار ويقول: يا علي أسألك بالله وبقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحقنا عليه أن تدخلني معه، فوافق علي على شرط أن يدخل أوس بن خولي دون أن يشارك، فكان أوس في ناحية الدار ينظر إليهم وهم يغسلون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ريب أن هذا الموقف من أوس بن خولي رضي الله عنه يتمناه كل مسلم، لكن الناس يختلفون في الجرأة عن التعبير للمقاصد التي يريدونها، فهذا أوس لم يطق أن يغسل النبي صلى الله عليه وسلم وهو غير حاضر، فأصر على علي وأخذ يسأله بالله والرحم أن يدخله معهم؛ حتى يشهد غسل النبي صلى الله عليه وسلم، فوافق علي رضي الله عنه وأدخله، واشترط عليه ألا يشارك في الغسل، والذي باشر الغسل فعلاً هو علي بن أبي طالب وحده، وهذا من أعظم خصائصه ومناقبه رضي الله عنه وأرضاه، وأما البقية فكان منهم من يسند النبي، ومنهم من يهرق الماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغسل من غير أن يجرد من ملابسه صلوات الله وسلامه عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>