وكانت خديجة قد تزوجت قبله رجلين هما عتيق بن عائذ، وأبو هالة التميمي وكلاهما توفيا عنها، ثم تزوجت نبينا صلى الله عليه وسلم وعمره إذ ذاك خمس وعشرون سنة، وعمرها أربعون سنة، فالفارق بينهما خمسة عشر عاماً، وهذا المرأة هي سيدة نساء العالمين على الصحيح، وقد اختصها الله جل وعلا بكرامات، منها كرامات إلهية ومنها كرامات نبوية، وكل من عند الله.
أما الكرامات الإلهية فإنها أول إنسان في هذه الأمة آمن بنبينا صلى الله عليه وسلم، قال عز الدين بن بكير رحمه الله: وأجمع المسلمون على أن خديجة بنت خويلد أول الناس إسلاماً من هذه الأمة، فلم يسبقها إلى الإسلام أحد، لا أبو بكر ولا غيره من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فمنذ أن نزل صلى الله عليه وسلم من الجبل إلى بيت خديجة لم يقابل أحداً ويعرض عليه الدين، فعرض الدين أول الأمر على خديجة خائفاً، وقال:(حتى خشيت على نفسي) فقالت: لا والله لن يخزيك الله أبداً، وهي امرأة تتكلم بعقل ومنطق، فلما أقسمت كان يجب عليها أن تأتي بالدليل على قسمها، وهو ما يسمى في علم المنطق بالاستنباط أو بالاستقراء، فقالت:(إنك لتحمل الكل، وتعين على نوائب الحق، وتصدق الحديث)، وذكرت فضله صلى الله عليه وسلم، وهي زوجته وأعلم الناس به، وقد يكون الإنسان سخياً في الظاهر بخيلاً على أهله، وقد يكون الإنسان حليماً في الخارج ويغضب على أهل بيته، وقد يكون الإنسان عدلاً بين الناس جائراً في منزله جائراً على طلابه، ولكن هذه الزوجة تعرف كل شيء من مخبره ومظهره وباطنه صلى الله عليه وسلم، فأقسمت على أنه لن يخزيه الله، فكانت أول خلق الله إسلاماً من هذه الأمة.