وقبل أن نشرع في هذا نبين أن لله جل وعلا في خلقه سنناً، وهذه السنن لا تتبدل ولا تتغير، كما قال الله:{سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}[الأحزاب:٦٢].
ومن سننه تبارك وتعالى في خلقه سنة الاختيار والاصطفاء، ولن نتوسع في الباب حفاظاً على المتن، ولكن نقول: إن الله جل وعلا لم يختر من بني آدم كلهم أنبياء إلا مائة وأربعة وعشرين ألفاً، ومن هؤلاء الأنبياء اختار الله جل وعلا ثلاثمائة وثلاثة عشر دجلاً جعلهم رسلاً، ومن هذا الجم الغفير من الرسل اختار خمسة هم أولوا العزم من الرسل، وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ونبينا صلى الله عليه وسلم، ثم من هؤلاء الخمسة اختار نبينا صلى الله عليه وسلم ليكون خاتم النبيين وأفضل المرسلين وخير خلق الله أجمعين، ومن هنا نفهم أن سنة الله مضت في قضية الاصطفاء والاختيار.
أما نسبه صلى الله عليه وسلم فإن أهل السيرة إذا ذكروه صلوات الله وسلامه عليه فبدهي أن يبدءوا باسمه ونسبه، ونسبه صلى الله عليه وسلم من أبيه عبد الله ومن أمه آمنة إلى آدم عليه السلام لم يكن من سفاح قط، ولم يأت رجس من الشيطان لأحد أبويه إلى آدم عليه السلام، بل حفظه الله في أرحام النساء وأصلاب الرجال، حتى ولدته أمه آمنة من أبيه عبد الله، وهذا لا خلاف فيه بين أحد ممن ينتسب إلى أمة الإسلام.
وعدم الاطلاع إنما هو قائم على أسماء آبائه صلى الله عليه وسلم، فهذا هو الذي وقع فيه الجهل، وهو الذي لم يثبت كله، وإنما هو مقسم عند العلماء إلى ثلاثة أقسام، فنسبه إلى جده عدنان ثابت عند أهل النسب، ثم من عدنان إلى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام مختلف فيه يعرف بعضه ويجهل بعضه، ولكن لا يستطيع أحد أن يجزم به، ومن إسماعيل إلى آدم ذكر فيه خلاف أكثر من الأول، وسيأتي اسم جد واحد سنعلق عليه -إن شاء الله- في المتن.