هذا ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى حول غزواته صلى الله عليه وسلم، والحديث عن الغزوات حديث طويل، كما أنه في نفس الوقت مشهور لا يكاد يجهله أحد، وعلى الأقل يلم به الجميع إلماماً عاماً، ولذلك سنتحدث إجمالاً عن غزواته صلى الله عليه وسلم، ثم سنذكر تعليقاً علمياً ومعرفياً وعقدياً عليها.
فنقول والله المستعان وعليه البلاغ: إن الله جل وعلا أذن بالجهاد بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة فقال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}[الحج:٣٩]، والجهاد في دين الله جل وعلا بمنزلة عالية، قال صلى الله عليه وسلم:(وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله)، ولما أراد أن يبين صلى الله عليه وسلم لأصحابه فضيلة العشر الأول من ذي الحجة قال عليه الصلاة والسلام:(ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر)، فقال الصحابة لما استقر في قلوبهم فضل الجهاد: ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم:(ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)، والله جل وعلا يقول وهو أصدق القائلين:{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}[آل عمران:١٩٦ - ١٧٠]، فهذه الأمور من باب التمهيد للدرس، وإلا فلا يكاد مؤمن يجهل فضل الجهاد بضوابطه الشرعية في سبيل الرب تبارك وتعالى، وهذا التقديم نقوله بين يدي ذكر غزواته صلى الله عليه وسلم.