هؤلاء -على وجه الإجمال- أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن وأرضاهن، وقلنا: إنه صلى الله عليه وسلم مات عن تسع، وكان يقسم لثمان، وأن أقرب نسائه إليه عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وكن أمهات المؤمنين يبعثن فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأتي فاطمة لأبيها وتقول: إن نساءك يسألنك العدل في ابنة ابن أبي قحافة وهو أبو بكر، فأريد أن أستشهد بهذه القضية على شيء خلاف ما يظن الناس، فالناس هنا من المحدثين وأهل السير يقولون: هذا فيه دلالة على فضل عائشة رضي الله تعالى عنها، وهذا ظاهر لا يحتاج إلى شرح، لكن الذي يحتاج إلى التنبيه هو ما يسمى اليوم بحقوق الإنسان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء أمهات المؤمنين يجهرن بمطالبهن علانية ويذكرن حقوقهن ولا يغضب صلوات الله وسلامه عليه، ويبعثن ابنته لتقول له عليه الصلاة والسلام: إن نساءك يسألنك العدل في بنت ابن أبي قحافة، وأعظم تكريم للإنسان وآدميته أن يعطى حقه في أن يقول مطالبه، فإذا وجد معلم يمنع الطلاب من كل سؤال، أو جد أمير أو قاضي أو والي أو حاكم يمنع الناس من حقوقهم، أو وجد أب يمنع الأبناء من حقوقهم، أو وجد زوج يمنع الزوجات من حقوقهن فهذا لم يعرف سماحة الإسلام حقيقة، فينبغي أن يعطى الناس حقهم في إظهار رغباتهم، لكن ينبغي على الناس وهم يظهرون رغباتهم أو مطالبهم أن يظهروها بالسبل الشرعية الواضحة البينة التي لا تخرج عن نطاق الأدب مع من هو أكبر منا، أو من جعل الله جل وعلا له ولاية علينا إن كان أباً أو كان زوجاً أو إن كان حاكماً أو إن كان غير ذلك.