ثم بعد أن ذكر المصنف الاسم والنسب ذكر آمنة بنت وهب، وقد عرجنا عليها، والصواب عندنا من أقوال العلماء ألا يتكلم في شأن والديه ولا يحكم لهما لا بجنة ولا بنار، فهما من أهل الفترة، والله أعلم بحالهما، وإن كان الإمام السيوطي رحمه الله ألف رسالة مشهورة اسمها (قرة العينين في نجاة الأبوين)، وحكم فيها بنجاة أبوي النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن نقول: إن التوقف في هذه المسألة أفضل.
أما أبوه فقد مات في المدينة، ودفن بها، وقد أخطأ المصنف رحمه الله عندما ذكر أن أباه دفن في الأبواء، وإنما الذي دفن بالأبواء هو أمه صلوات الله وسلامه عليه، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم:(أنه وقف على قبر أمه وبكى، فقيل له: يا رسول الله! ما يبكيك؟ قال: هذا قبر أمي آمنة بنت وهب، سألت الله جل وعلا أن أزور قبرها فأذن لي، وسألته أن أستغفر لها فلم يأذن لي.
فبكى صلى الله عليه وسلم وقال: حضرتني رقتها علي فبكيت، فبكى أصحابه رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم).
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية: رؤيت ساعة أكثر باكياً من تلك الساعة.
والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم بشر يحن إلى أبويه، وإن كانا ماتا على غير ملة الإسلام، وطالب العلم يفرق بين الكافر والمؤمن ومن لم يدرك الإسلام، فالمؤمن من جاءته الدعوة فقبلها، والكافر من جاءته الدعوة فردها، وأما الذي لم تبلغه الدعوة فلا يقال له: مؤمن؛ لأنه ما استجاب لشيء، ولا يقال له: كافر؛ لأنه لم يرد شيئاً، فأبواه صلى الله عليه وسلم -على الصحيح- يحكم بأنهما من أهل الفترة، والله تعالى أعلم.