وأشهرهم اثنان: زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وابنه أسامة، ثم يأتي بعد ذلك شقران الذي اسمه صالح، وسفينة، وسيأتي الحديث إجمالاً عنهم أجمعين.
أما زيد بن حارثة فهو مولى النبي صلى الله عليه وسلم الأول، وحبه، وكان خديجة رضي الله عنها، فوهبته للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه فأصبح مولى له، فلما جاء أهله يطلبونه اختار النبي عليه الصلاة والسلام على أهله، فأشهد عليه الصلاة والسلام الناس على أن زيداً ابنه يرثه، فلما أبطل الله ما كان عليه القرشيون من التبني أصبح مولى للنبي عليه الصلاة والسلام، وكان حبيباً للنبي عليه الصلاة والسلام، واستشهد رضي الله عنه وأضاه في غزوة مؤتة هو وعبد الله بن رواحة وجعفر بن أبي طالب رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين، وقد جعله النبي عليه الصلاة والسلام أميراً على الجيش الذي توجه إلى مؤتة.
وكان زيد هذا أبيض، وابنه أسامة كان أسمر اللون، فكان الناس أحياناً يشكو فيهما في النسل، فيقع هذا موقعاً غير حميد في قلب وصدر نبينا صلى الله عليه وسلم، حتى مر عليهما رجل من بني مدلج -وهم قوم أعطوا في القيافة حظاً- وهما نائمان، وقد غطيت رءوسهما وبقيت أقدامهما ظاهرة، وكانت قدما زيد بيضاء وقدما أسامة سوداء، ومجزز المدلجي لا يدري أن هذا زيد ولا يدري أن هذا أسامة، ولا يرى رءوسهما، وإنما رأى الأقدام وهي في اللون، فقال والنبي صلى الله عليه وسلم جالس يسمع: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، ففرح صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا زاده يقيناً فيما يشكك الناس فيه، فدخل صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها تبرق أسارير وجهه، فقال:(أما علمت أن مجززاً المدلجي نظر إلى قدمي أسامة وأبيه فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض؟!).
والإنسان إذا أحب شيئاً أحب ما يتعلق به، فلما أحب النبي صلى الله عليه وسلم زيداً وأسامة أحب كل ما يفرحهما ويبعد عنهما السوء والشرور، كما أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يحبون النبي عليه الصلاة والسلام ويحبون كل ما يتعلق به صلوات الله وسلامه عليه.