للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى مسلم في " صحيحه " عن المسور بن مخرمة قال: «اسْتَشَارَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ فِي ملاص الْمَرْأَةِ (١)، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ»، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: ائْتِنِي بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ، قَالَ: فَشَهِدَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلمَةَ» (٢). بل ثبت عنه أنه كان يسأل عن سُنَّةِ أبي بكر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - إذا لم يجد الحكم في القرآن ولا في السنة النبوية.

[٢] أما رواية حبس الفاروق عمر لثلاثة من الصحابة فهي مكذوبة، وكان على المؤلف الفاضل أن لا يأخذ الروايات من غير تمحيص ولا تدقيق، والكتب فيها الغث وفيها السمين، وفيها المقبول، وفيها المردود، وهي رواية مكذوبة على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.

وإليكم ما قاله إمام من أئمة الحديث والسنن، والحفظ للأحاديث والفقه فيها وهو أبو محمد بن حزم الظاهري مؤسس المذهب بعد المؤسس الأول له وهو الإمام داود: قال - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وَأَثَابَهُ - في أثناء ذكره لفضل الإكثار من الرواية للسنن: «وروي عن عمر أنه - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - حبس ابن مسعود، من أجل الحديث عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبا الدرداء، وأبا ذر» وطعن في الرواية [بالانقطاع] لأن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف راويه عن عمر لم يسمع منه، وقد وافقه على هذا البيهقي، وأثبت سماعه من عمر يعقوب بن شيبة، والطبري وغيرهما، والذي يظهر أنه لم يسمع منه، فقد ذكر الحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب " أنه مات سنة ٩٥ أو ٩٦ وعمره ٧٥ سَنَةً (٣) فتكون ولادته سنة عشرين للهجرة، وعلى هذا يكون له حين توفي الفاروق ثلاث سنوات، وهي سن دون سن التحمل وعلى هذا فلا تكون الرواية حُجَّةً للانقطاع، ولعل البلاء جاء من هذا الراوي المحذوف.


(١) هكذا وقع في جميع نسخ صحيح مسلم «ملاص» وهو جنين المرأة إذا وضعته قبل أوانه وهو السقط والمعروف في اللغة «الإِمْلاَصُ»، وقد صحح القاضي «ملاص» من ناحية اللغة.
(٢) " صحيح مسلم ":- كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات - باب دية الجنين ...
(٣) " تهذيب التهذيب ": جـ ١ ص ١٣٩.

<<  <   >  >>