للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يخالفها إلا باليقين كالحديث المتواتر، ولا يكتفي في ذلك بالظن.

[٢] إن الحديث يخالف القرآن الكريم الذي هو متواتر ويقيني في نفي السحر عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حيث نسب القول بإثبات السحر له إلى المشركين وَوَبَّخَهُمْ على زعمهم هذا، قال تعالى: {وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ (١) تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُورًا، انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً} (٢).

وقال: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ، إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ، وَإِذْ هُمْ نَجْوَى، إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُورًا، انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً} (٣).

[٣] إنه لو جاز على النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يتخيل أنه يفعل الشيء، وما فعله لجاز عليه أن يظن أنه بلغ شَيْئًا وهو لم يبلغه أو أن شَيْئًا ينزل عليه، ولم ينزل عليه، واستحالة ذلك أمر ظاهر لا يحتاج إلى بيان.

الرَدُّ عَلَى شُبُهَاتِهِمْ:

إن الحق لا يُعْرَفُ بالرجال ولكن الرجال هو الذين يعرفون بالحق، وفي كلام أبي الحسن على: «اعْرِفْ الحَقَّ تَعْرِفْ أَهْلَهُ».

والأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده ليس أبا عذرتها (٤) في هذا إنما هو متابع لمن سبقه من رؤساءا الاعتزال وأمثالهم ومن نهج نهجهم، وإذا كان هذا الذي يتمسح بأقوال العلماء لا يعرف الحق إلا بالرجال فلنجاره في هذا ولنبين له ولأمثاله أن الأخذ بالحديث الصحيح وعدم رده وتأويله بما يوافق العقل، والنقل المتواتر مذهب جماهير العلماء سَلَفًا وَخَلَفًا، ورد الأحاديث الصحيحة لأدنى شبهة، ولتوهم مخالفتها للعقل،


(١) إِنْ: بكسر الهمزة وسكون النون نافية.
(٢) [سورة الفرقان، الآيتان: ٨، ٩].
(٣) [سورة الإسراء، الآيتان: ٤٧، ٤٨].
(٤) يقال: فلا أبو عُذْرَتِهَا يعني أول من قاله.

<<  <   >  >>