للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو القرآن أو العلم ليس من التحقيق العلمي في شيء، والأحاديث الصحيحة الموثوق بها، وإن كانت لا تفيد يقينًا في العقائد الثانوية (١) لكنها تفيد غلبة الظن فيها، ونحن لا نخالف في أن العقائد الأساسية في الإسلام كإثبات الصانع - جَلَّ جَلاَلُهُ -، والتوحيد، وإثبات البعث وإثبات رسالة الرسل لا يكتفى فيها إلا بما يفيد القطع واليقين.

ولئن كان الإمام الشيخ محمد عبده قد أنكر حديث السحر فقد أثبته واعترف بصحته رواية ودراية أئمة كِبَارٌ، هم أرسخ قَدَمًا في العلم، والجمع بين المعقول، والمنقول منه، كالأئمة المازري، والخطابي، والقاضي عياض، وابن تيمية: تقي الدين أحمد الحافظ الناقد المُحَدِّثُ، وابن القيم، وابن كثير، والنووي، والحافظ الناقد ابن حجر، والقرطبي والآلوسي وغيرهم ممن لا يحصيهم العد.

[٢] إن الذين صححوا حديث السحر كالبخاري ومسلم وغيرهما من أهل الحديث وكل من جاء بعدهم من أهل العلم قالوا: إن ما حدث للنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نوع من الأمراض الجسمانية والعوارض البشرية التي تجوز على الأنبياء - عَلَيْهِمْ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، وقد روى الحديث من طرق عدة في " الصحيحين " وغيرهما، وعن غير واحد من الصحابة منهم: عائشة، وابن عباس، وزيد بن أرقم وغيرهم مما يبعد عنه احتمال الغلط أو السهو أو الكذب ن وقد رُوِيَ [الحديث] من طرق بلفظ: «حَتَّى [إِنَّهُ] لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُُُُُُُُُُ» ولكن قد وردت بعض الروايات في " الصحيح " بما يزيل ما في هذه الرواية من إيهام، وهي رواية الإمام العادل الثقة سفيان بن عيينة أحد جبال الحديث والعلم في هذه الأمة الإسلامية وقد رواها إمامان كبيران من شيوخ الإمام البخاري: أحدهما شيخه عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر الجعفي أبو جعفر البخاري المعروف بِالمُسْنَدِيِّ - بفتح النون - قال فيه ابن حجر: «ثِقَةٌ حَافِظٌ جَمَعَ المُسْنَدَ مِنَ العَاشِرَةِ مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ» (٢) وذلك في كتاب الطب


(١) وذلك كسؤال الملكين وإثبات عذاب القبر ونعيمه، وما ورد في وصف الحشر، والنشر والصراط وأنه مضروب بين ظهراني جهنم، أما العقائد الأساسية أو إن شئت فقل الأولية فقد بينتها.
(٢) " تقريب التهذيب ": جـ ١ ص ٤٤٧.

<<  <   >  >>