للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والباء لتأكيد التعدية.

ومعنى «وَلاَ تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسِنَةُ» أي لا تتعسر عليه ألسنة المؤمنين، ولو كانوا من غير العرب، وصدق الله: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (١) وقال: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا} (٢) ولقد تعرض القرآن الكريم في القديم والحديث للطعون وإلقاء الشبه والأباطيل وقد تحطمت كل هذه السهام الخائبة على صخرة القرآن الصلبة العاتية فكان هؤلاء الطاعنون كما قيل:

كَنَاطِحٍ صَخْرَةً يَوْمًا لِيُوهِنَهَا * ... * ... * فَلَمْ [يُضِرْها] وأوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ.

وقد بقي القرآن أربعة عشر قرنًا أو تزيد مصدر هداية وتبشير وإنذار وإشعاع نور، والمعجزة العظمى للنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على توالي العصور والدهور وسيستمر كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.

فليرح الطاعنون أنفسهم وليكفوا عن هذياناتهم وأباطيلهم فإن هذا القرآن هو الكتاب الإلهي الذي سلم من التحريف والتبديل وهو الكتاب الوحيد الذي تكفل الله بحفظه حيث قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٣) [الحجر: ٩] إن هذا الكتاب الإلهي الكريم قد بقي مشغلة الفكر الإنساني أربعة عشر قرنا للمسلمين وغير المسلمين.

أما المسلمون فلأنه مصدر هدايتهم، والمصدر الأول لعقيدتهم ولتشريعاتهم وأخلاقهم، وآدابهم ولسياساتهم واقتصادياتهم وو ... الخ.

وأما غير المسلمين فلما يستفيدون من دراسته من الوقوف على الأصول الدينية والخلقية والاجتماعية، والسياسية، والعلمية، والنفسية التي كانت السبب في تكوين


(١) [سورة القمر، الآيات: ١٧، ٢٢، ٣٢، ٤٠].
(٢) [سورة مريم، الآية: ٩٧].
(٣) [سورة الحجر، الآية: ٩].

<<  <   >  >>