للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقلب والجوارح وَنَفسه اليهم وانقاد لحكمه وعزل نَفسه وَسلم الامر الى اهله لكفى بِهِ شرفا وفضلا وَقد مدح الله سُبْحَانَهُ الْعقل وَأَهله فِي كِتَابه فِي مَوَاضِع كَثِيرَة مِنْهُ وذم من لَا عقل لَهُ وَأخْبر انهم اهل النَّار الَّذين لَا سمع لَهُم وَلَا عقل فَهُوَ آلَة كل علم وميزانه الَّذِي بِهِ يعرف صَحِيحه من سقيمه وراجحه من مرجوحه والمرآة الَّتِي يعرف بهَا الْحسن من الْقَبِيح وَقد قيل الْعقل ملك وَالْبدن روحه وحواسه وحركاته كلهَا رعية لَهُ فَإِذا ضعف عَن الْقيام عَلَيْهَا وتعهدها وصل الْخلَل اليها كلهَا وَلِهَذَا قيل من لم يكن عقله اغلب خِصَال الْخَيْر عَلَيْهِ كَانَ حتفه فِي أغلب خِصَال الشَّرّ عَلَيْهِ وروى انه لما هَبَط آدم من الْجنَّة اتاه جِبْرِيل فَقَالَ ان الله احضرك الْعقل وَالدّين وَالْحيَاء لتختار وَاحِدًا مِنْهَا فَقَالَ اخذت الْعقل فَقَالَ الدّين وَالْحيَاء امرنا ان لَا نفارق الْعقل حَيْثُ كَانَ فانحاز اليه وَالْعقل عقلان عقل غريزة وَهُوَ اب الْعلم ومربيه ومتمره وعقل مكتسب مُسْتَفَاد وَهُوَ ولد الْعلم وثمرته ونتيجته فَإِذا اجْتمعَا فِي العَبْد فَذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء واستقام لَهُ امْرَهْ واقبلت عَلَيْهِ جيوش السَّعَادَة من كل جَانب وَإِذا فقد احدهما فالحيوان البهيم احسن حَالا مِنْهُ واذا انْفَرد انْتقصَ الرجل بِنُقْصَان احدهما وَمن النَّاس من يرجح صَاحب الْعقل الغريزي وَمِنْهُم من يرجح صَاحب الْعقل المكتسب وَالتَّحْقِيق ان صَاحب الْعقل الغريزي الَّذِي لَا علم وَلَا تجربة عِنْده آفته الَّتِي يُؤْتى مِنْهُ الاحجام وَترك انتهاز الفرصة لَان عقله يعقله عَن انتهاز الفرصة لعدم علمه بهَا وَصَاحب الْعقل المكتسب يُؤْتى من الاقدام فان علمه بالفرص وطرقها يلقيه على الْمُبَادرَة اليها وعقله الغريزي لَا يُطيق رده عَنهُ فَهُوَ غَالِبا يُؤْتى من إقدامه والاول من احجامه فَإِذا رزق الْعقل الغريزي عقلا ايمانيا مستفادا من مشكاة النُّبُوَّة لَا عقلا معيشيا نفاقيا يظنّ اربابه انهم على شَيْء الا انهم هم الْكَاذِبُونَ فانهم يرَوْنَ الْعقل ان يرْضوا النَّاس على طبقاتهم ويسالموهم ويستجلبوا مَوَدَّتهمْ ومحبتهم وَهَذَا مَعَ انه لَا سَبِيل اليه فَهُوَ ايثار للراحة والدعة وَمؤنَة الاذى فِي الله والموالاة فِيهِ والمعاداة فِيهِ وَهُوَ وان كَانَ اسْلَمْ عاجلة فَهُوَ الهلك فِي الاجلة فَإِنَّهُ مَا ذاق طعم الايمان من لم يوال فِي الله ويعاد فِيهِ فالعقل كل الْعقل مَا اوصل الى رضَا الله وَرَسُوله وَالله الْمُوفق الْمعِين وَفِي حَدِيث مَرْفُوع ذكره ابْن عبد البر وَغَيره اوحى الله الى نَبِي من انبياء بني اسرائيل قل لفُلَان العابد اما زهدك فِي الدُّنْيَا فقد تعجلت بِهِ الرَّاحَة واما انقطاعك الي فقد اكْتسبت بِهِ الْعِزّ فَمَا عملت فِيمَا لي عَلَيْك قَالَ وَمَا لَك على قَالَ هَل واليت فِي وليا اَوْ عاديت فِي عدوا وَذكر ايضا انه اوحى الله الى جِبْرِيل ان اخسف بقرية كَذَا وَكَذَا قَالَ يَا رب ان فيهم فلَانا العابد قَالَ بِهِ فابدأ انه لم يتمعر وَجهه فِي يَوْمًا قطّ الْوَجْه الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ حَدِيث ابْن عمر عَن النَّبِي اذا مررتم برياض الْجنَّة فارتعوا قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا رياض الْجنَّة قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>