للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي كتب اليه انه قد قرا الْقُرْآن عندنَا عدد كثير لأكْثر من ذَلِك فَكتب اليه عمر ان امحهم من الدِّيوَان فَانِي اخاف من ان يسْرع النَّاس فِي الْقُرْآن ان يتفقهوا فِي الدّين فيتأولوه على غير تَأْوِيله وَقَالَ ابْن وهب كنت بَين يَدي مَالك بن انس فَوضعت الواحي وَقمت الى الصَّلَاة فَقَالَ مَا الَّذِي قُمْت اليه بِأَفْضَل من الَّذِي تركته قَالَ شَيخنَا وَهَذِه الامور الثَّلَاثَة الَّتِي فضل كل وَاحِد من الائمة بَعْضهَا وَهِي الصَّلَاة وَالْعلم وَالْجهَاد هِيَ الَّتِي قَالَ فِيهَا عمر بن الْخطاب رضى الله عَنهُ لَوْلَا ثَلَاث فِي الدُّنْيَا لما احببت الْبَقَاء فِيهَا لَوْلَا ان احْمِلْ اَوْ اجهز جَيْشًا فِي سَبِيل الله وَلَوْلَا مكابدة هَذَا اللَّيْل وَلَوْلَا مجالسة اقوام ينتقون اطايب الْكَلَام كَمَا ينتقى اطايب التَّمْر لما احببت الْبَقَاء فالاول الْجِهَاد وَالثَّانِي قيام اللَّيْل وَالثَّالِث مذاكرة الْعلم فاجتمعت فِي الصَّحَابَة بكمالهم وَتَفَرَّقَتْ فِيمَن بعدهمْ الْوَجْه التَّاسِع وَالْمِائَة مَا ذكره ابو نعيم وَغَيره عَن بعض اصحاب رَسُول الله انه قَالَ فضل الْعلم خير من نفل الْعَمَل وَخير دينكُمْ الْوَرع وَقد روى هَذَا مَرْفُوعا من حَدِيث عَائِشَة رضى الله عَنْهَا وَفِي رَفعه نظر وَهَذَا الْكَلَام هُوَ فصل الْخطاب فِي هَذِه المسئلة فَإِنَّهُ إِذا كَانَ كل من الْعلم وَالْعَمَل فرضا فَلَا بُد مِنْهُمَا كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاة فَإِذا كَانَا فضلين وهما النفلان المتطوع بهما ففضل الْعلم ونفله خير من فضل الْعِبَادَة ونفلها لَان الْعلم يعم نَفعه صَاحبه وَالنَّاس مَعَه وَالْعِبَادَة يخْتَص نَفعهَا بصاحبها ولان الْعلم تبقى فَائِدَته وَعلمه بعد مَوته وَالْعِبَادَة تَنْقَطِع عَنهُ وَلما مر من الْوُجُوه السَّابِقَة الْوَجْه الْعَاشِر بعدالمائة مَا رَوَاهُ الْخَطِيب وَأَبُو نعيم وَغَيرهمَا عَن معَاذ بن جبل رضى الله عَنهُ قَالَ تعلمُوا الْعلم فَإِن تعلمه لله خشيَة وَطَلَبه عبَادَة ومدارسته تَسْبِيح والبحث عَنهُ جِهَاد وتعليمه لمن لَا يُحسنهُ صَدَقَة وبذله لاهله قربَة بِهِ يعرف الله ويعبد وَبِه يؤحد وَبِه يعرف الْحَلَال من الْحَرَام وتوصل الارحام وَهُوَ الانيس فِي الوحده والصاحب فِي الْخلْوَة وَالدَّلِيل على السَّرَّاء والمعين على الضراء والوزير عِنْد الاخلاء والقريب عِنْد الغرباء ومنار سَبِيل الْجنَّة يرفع الله بِهِ اقواما فيجعلهم فِي الْخَيْر قادة وسَادَة يقْتَدى بهم ادلة فِي الْخَيْر تقتص آثَارهم وترمق افعالهم وترغب الْمَلَائِكَة فِي خلتهم وبأجنحتهم تمسحهم يسْتَغْفر لَهُم كل رطب ويابس حَتَّى حيتان الْبَحْر وَهُوَ امهِ وسباع الْبر وانعامه وَالسَّمَاء ونجومها وَالْعلم حَيَاة الْقُلُوب من الْعَمى وَنور للأبصار من الظُّلم وَقُوَّة للآبدان من الضعْف يبلغ بِهِ العَبْد منَازِل الابرار والدرجات العلى التفكر فِيهِ يعدل بالصيام ومدارسته بِالْقيامِ وَهُوَ إِمَام للْعَمَل وَالْعَمَل تَابعه يلهمه السُّعَدَاء ويحرمه الاشقياء هَذَا الاثر مَعْرُوف عَن معَاذ وروراه ابو نعيم فِي المعجم من حَدِيث معَاذ مَرْفُوعا الى النَّبِي وَلَا يثبت وحسبه ان يصل الى معَاذ الْوَجْه الْحَادِي

<<  <  ج: ص:  >  >>