للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ هُوَ الشَّقَاء والضلال وايضا فَإِن الله سُبْحَانَهُ عليم يحب كل عليم وَإِنَّمَا يضع علمه عِنْد من يُحِبهُ فَمن احب الْعلم واهله فقد احب مَا احب الله وَذَلِكَ مِمَّا يدان بِهِ قَوْله الْعلم يكْسب الْعَالم الطَّاعَة فِي حَيَاته وَجَمِيل الاحدوثة بعد مماته يكسبه ذَاك أَي يَجعله كسبا لَهُ ويورثه إِيَّاه وَيُقَال كَسبه ذَلِك عزا وَطَاعَة واكسبه لُغَتَانِ وَمِنْه حَدِيث خَدِيجَة رضى الله عَنْهَا إِنَّك لتصل الرَّحِم وَتصدق الحَدِيث وَتحمل الْكل وتكسب الْمَعْدُوم روى بِفَتْح التَّاء وَضمّهَا وَمَعْنَاهُ تكسب المَال والغنى هَذَا هُوَ اصواب وَقَالَت ائفة من رَوَاهُ بضَمهَا فَذَلِك من اكسبه مَالا وَعزا وَمن رَوَاهُ بِفَتْحِهَا فَمَعْنَاه تكسب انت المَال الْمَعْدُوم بمعرفتك وحذقك بِالتِّجَارَة ومعاذ الله من هَذَا الْفَهم وَخَدِيجَة اجل قدرا من تكلمها بِهَذَا فِي هَذَا الْمقَام الْعَظِيم ان تَقول لرَسُول الله اُبْشُرْ فوَاللَّه لَا يخزيك الله إِنَّك تكسب الدِّرْهَم وَالدِّينَار وتحسن التِّجَارَة وَمثل هَذِه التحريفات انما تذكر لِئَلَّا يغتربها فِي تَفْسِير كَلَام الله وَرَسُوله وَالْمَقْصُود ان قَوْله الْعلم يكْسب الْعَالم الطَّاعَة فِي حَيَاته أَي يَجعله مُطَاعًا لَان الْحَاجة الى الْعلم عَامَّة لكل اُحْدُ للملوك فَمن دونهم فَكل اُحْدُ مُحْتَاج إِلَى طَاعَة الْعَالم فَإِنَّهُ يامر بِطَاعَة الله وَرَسُوله فَيجب على الْخلق طَاعَته قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} وَفسّر اولى الامر بالعلماء قَالَ ابْن عَبَّاس هم الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء اهل الدّين الَّذين يعلمُونَ النَّاس دينهم اوجب الله تَعَالَى طاعتهم وَهَذَا قَول مُجَاهِد وَالْحسن وَالضَّحَّاك احدى الرِّوَايَتَيْنِ عَن الامام احْمَد وفسروا بالامراء وَهُوَ قَول ابْن زيد احدى الرِّوَايَتَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس وَأحمد والاية تتناولها جَمِيعًا فطاعة وُلَاة الامر وَاجِبَة إِذا امروا بِطَاعَة الله وَرَسُوله وَطَاعَة الْعلمَاء كَذَلِك فالعالم بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول الْعَامِل بِهِ اطوع فِي اهل الارض من كل اُحْدُ فَإِذا مَاتَ احيا الله ذكره وَنشر لَهُ فِي الْعَالمين احسن الثَّنَاء فالعالم بعد وَفَاته ميت وَهُوَ حَيّ بَين النَّاس وَالْجَاهِل فِي حَيَاته حَيّ وَهُوَ ميت بَين النَّاس كَمَا قيل

وَفِي الْجَهْل قبل الْمَوْت موت لأَهله ... واجسامهم قبل الْقُبُور قُبُور وارواحهم فيوحشة من جسومهم ... وَلَيْسَ لَهُم حَتَّى النشور نشور وَقَالَ الاخر

قد مَاتَ قوم وَمَا مَاتَت مكارمهم ... وعاش قوم وهم فِي النَّاس اموات وَقَالَ آخر

وَمَا دَامَ ذكر العَبْد بِالْفَضْلِ بَاقِيا ... فَذَلِك حى وَهُوَ فِي الترب هَالك

<<  <  ج: ص:  >  >>