للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُطلق القَوْل بَان علم الْعَرَبيَّة وَاجِب على الاطلاق اذ الْكثير مِنْهُ وَمن مسَائِله وبحوثه لَا يتَوَقَّف فهم كَلَام الله وَرَسُوله عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ اصول الْفِقْه الْقدر الَّذِي يتَوَقَّف فهم الْخطاب عَلَيْهِ مِنْهُ يجب مَعْرفَته دون الْمسَائِل المقررة والابحاث الَّتِي هِيَ فضلَة فَكيف يُقَال ان تعلمهَا وَاجِب وَبِالْجُمْلَةِ فالمطلوب الْوَاجِب من العَبْد من الْعُلُوم والاعمال إِذا توقف على شَيْء مِنْهَا كَانَ ذَلِك الشَّيْء وَاجِبا وجوب الْوَسَائِل وَمَعْلُوم ان ذَلِك التَّوَقُّف يخْتَلف باخْتلَاف الاشخاص والازمان والالسنة والاذهان فَلَيْسَ لذَلِك حد مُقَدّر وَالله اعْلَم الْوَجْه الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعدالمائة مَا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث ابي هُرَيْرَة يرفعهُ الى النَّبِي قَالَ سَأَلَ مُوسَى ربه عَن سِتّ خِصَال كَانَ يظنّ انها لَهُ خَالِصَة وَالسَّابِعَة لم يكن مُوسَى يُحِبهَا قَالَ يَا رب أَي عِبَادك اتَّقى قَالَ الَّذِي يذكر وَلَا ينسى قَالَ فَأَي عِبَادك اهدى قَالَ الَّذِي تتبع الْهدى قَالَ فَأَي عِبَادك احكم قَالَ الَّذِي يحكم للنَّاس مَا يحكم لنَفسِهِ قَالَ أَي عِبَادك اعْلَم قَالَ عَالم لَا يشْبع من الْعلم يجمع علم النَّاس الى علمه قَالَ فَأَي عِبَادك اعز قَالَ الَّذِي اذا قدر عَفا قَالَ فَأَي عِبَادك اغني قَالَ الَّذِي يرضى بِمَا اوتى قَالَ فاي عِبَادك افقر قَالَ صَاحب مَنْقُوص فَأخْبر فِي هَذَا الحَدِيث ان اعْلَم عباده الَّذِي لَا يشْبع من الْعلم فَهُوَ يجمع علم النَّاس الى علمه لنهمته فِي الْعلم وحرصه عَلَيْهِ وَلَا ريب ان كَون العَبْد اعظم عباد الله من اعظم اوصاف كَمَاله وَهَذَا هُوَ الَّذِي حمل مُوسَى على الرحلة الى عَالم الارض ليعلمه مِمَّا علمه الله هَذَا وَهُوَ كليم الرَّحْمَن وَأكْرم الْخلق على الله فِي زَمَانه وَأعلم الْخلق فَحَمله حرصه ونهمته فِي الْعلم على الرحلة الى الْعَالم الَّذِي وصف لَهُ فلولا ان الْعلم اشرف مَا بذلت فِيهِ المهج وانفقت فِيهِ الانفاس لاشتغل مُوسَى عَن الرحلة الى الْخضر بِمَا هُوَ بصدده من امْر الامة وَعَن مقاساة النصب والتعب فِي رحلته وتلطفه للخضر فِي قَوْله هَل اتبعك على ان تعلمن مِمَّا علمت رشدا فَلم ير اتِّبَاعه حَتَّى استاذنه فِي ذَلِك واخبره انه جَاءَ متعلما مستفيدا فَهَذَا النَّبِي الْكَرِيم كَانَ عَالما بِقدر الْعلم واهله صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ الْوَجْه الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة ان الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خلق الْخلق لعبادته الجامعة لمحبته وإيثار مرضاته المستلزمة لمعرفته وَنصب للعباد علما لَا كَمَال لَهُم الا بِهِ وَهُوَ ان تكون حركاتهم كلهَا مُوَافقَة على وفْق مرضاته ومحبته وَلذَلِك ارسل رسله وَانْزِلْ كتبه وَشرع شرائعه فكمال العَبْد الَّذِي لَا كَمَال لَهُ الا بِهِ ان تكون حركاته موافقه لما يُحِبهُ الله مِنْهُ ويرضاه لَهُ وَلِهَذَا جعل اتِّبَاع رَسُوله دَلِيلا على محبته قَالَ تَعَالَى قل ان كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله وَيغْفر لكم ذنوبكم وَالله غَفُور رَحِيم فالمحب الصَّادِق يرى خِيَانَة مِنْهُ لمحبوبه ان يَتَحَرَّك بحركة اختيارية فِي غير مرضاته وَإِذا فعل فعلا مِمَّا ابيح لَهُ بِمُوجب طَبِيعَته وشهوته تَابَ مِنْهُ كَمَا يَتُوب من الذَّنب وَلَا يزَال هَذَا الْأَمر يقوى عِنْده حَتَّى تنْقَلب

<<  <  ج: ص:  >  >>