للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مباحاته كلهَا طاعات فيحتسب نَومه وفطره وراحته كَمَا يحْتَسب قومته وصومه واجتهاده وَهُوَ دَائِما بَين سراء يشْكر الله عَلَيْهَا وضراء يصبر عَلَيْهَا فَهُوَ سَائِر إِلَى الله دَائِما فِي نَومه ويقظنه قَالَ بعض الْعلمَاء الاكياس عاداتهم عبادات الحمقي والحمقى عباداتهم عادات وَقَالَ بعض السّلف حبذا نوم الأكياس وفطرهم يغبنون بِهِ سهر الحمقى وصومهم فالمحب الصادقان نطق نطق لله وَبِاللَّهِ وان سكت سكت لله وان تحرّك فبأمر الله وان سكن فسكونه استعانة على مرضات الله فَهُوَ لله وَبِاللَّهِ وَمَعَ الله وَمَعْلُوم ان صَاحب هَذَا الْمقَام احوج خلق الله الى الْعلم فَإِنَّهُ لَا تتَمَيَّز لَهُ الْحَرَكَة المحبوبة لله من غَيرهَا وَلَا السّكُون المحبوب لَهُ من غَيره الا بِالْعلمِ فَلَيْسَتْ حَاجته الى الْعلم كحاجة من طلب الْعلم لذاته ولانه فِي نَفسه صفة كَمَال بل حَاجته اليه كحاجته الى مَا بِهِ قوام نَفسه وذاته وَلِهَذَا اشتدت وصاة شُيُوخ العارفين لمريديهم بِالْعلمِ وَطَلَبه وانه من لم يطْلب الْعلم لم يفلح حَتَّى كَانُوا يعدون من لَا علم لَهُ من السفلة قَالَ ذُو النُّون وَقد سُئِلَ من السفلة فَقَالَ من لَا يعرف الطَّرِيق الى الله تَعَالَى وَلَا يتعرفه وَقَالَ ابو يزِيد لَو نظرتم الى الرجل وَقد اعطى من الكرامات حَتَّى يتربع فِي الْهَوَاء فلات تغتروا بِهِ حَتَّى تنظروا كَيفَ تجدونه عِنْد الامر وَالنَّهْي وَحفظ الْحُدُود وَمَعْرِفَة الشَّرِيعَة وَقَالَ ابو حَمْزَة الْبَزَّاز من علم طَرِيق الْحق سهل عَلَيْهِ سلوكه وَلَا دَلِيل على الطَّرِيق الا مُتَابعَة الرَّسُول فِي أَقْوَاله وأفعاله واحواله وَقَالَ مُحَمَّد بن الْفضل الصُّوفِي الزَّاهِد ذهَاب الاسلام على يَدي اربعة اصناف من النَّاس صنف لَا يعْملُونَ بِمَا يعلمُونَ وصنف يعْملُونَ بِمَا لَا يعلمُونَ وصنف لَا يعْملُونَ وَلَا يعلمُونَ وصنف يمْنَعُونَ النَّاس من التَّعَلُّم قلت الصِّنْف الاول من لَهُ علم بِلَا عمل فَهُوَ اضر شَيْء على الْعَامَّة فَإِنَّهُ حجَّة لَهُم فِي كل نقيصة ومنحسة والصنف الثَّانِي العابد الْجَاهِل فَإِن النَّاس يحسنون الظَّن بِهِ لعبادته وصلاحه فيقتدون بِهِ على جَهله وَهَذَانِ الصنفان هما اللَّذَان ذكرهمَا بعض السّلف فِي قَوْله احْذَرُوا فتْنَة الْعَالم الْفَاجِر وَالْعَابِد الْجَاهِل فَإِن فتنتهما فتْنَة لكل مفتون فان النَّاس إِنَّمَا يقتدون بعلمائهم وعبادهم فَإِذا كَانَ الْعلمَاء فجرة والعباد جهلة عَمت الْمُصِيبَة بهما وعظمت الْفِتْنَة على الْخَاصَّة والعامة والصنف الثَّالِث الَّذين لَا علم لَهُم وَلَا عملوإنما هم كالانعام السَّائِمَة والصنف الرَّابِع نواب ابليس فِي الارض وهم الَّذِي يثبطون النَّاس عَن طلب الْعلم والتفقه فِي الدّين فَهَؤُلَاءِ اضر عَلَيْهِم من شياطين الْجِنّ فانهم يحولون بَين الْقُلُوب وَبَين هدى الله وَطَرِيقه فَهَؤُلَاءِ الاربعة اصناف هم الَّذين ذكرهم هَذَا الْعَارِف رَحْمَة الله عَلَيْهِ وَهَؤُلَاء كلهم على شفا جرف هار وعَلى سَبِيل الهلكة وَمَا يلقى الْعَالم الدَّاعِي الى الله وَرَسُوله مَا يلقاه من الاذى والمحاربة الا على ايديهم وَالله يسْتَعْمل من يَشَاء فِي سخطه كَمَا يسْتَعْمل من يحب فِي مرضاته إِنَّه بعباده خَبِير بَصِير وَلَا ينْكَشف سر هَذِه الطوائف وطريقتهم إِلَّا بِالْعلمِ فَعَاد الْخَيْر بحذافيره الى الْعلم وموجبه وَالشَّر

<<  <  ج: ص:  >  >>