للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحذافيره الى الْجَهْل وموجبه الْوَجْه الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة ان الله سُبْحَانَهُ جعل الْعلمَاء وكلاء وامناء على دينه ووحيه وارتضاهم لحفظه وَالْقِيَام بِهِ والذب عَنهُ وناهيك بهَا منزلَة شريفة ومنقبة عَظِيمَة قَالَ تَعَالَى ذَلِك هدى الله يهدى بِهِ من يَشَاء من عباده وَلَو اشركوا لحبط عَنْهُم مَا كَانُوا يعْملُونَ اولئك الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب وَالْحكم والنبوة فَإِن يكفر بهَا هَؤُلَاءِ فقد وكلنَا بهَا قوما لَيْسُوا بهَا بكافرين وَقد قيل ان هَؤُلَاءِ الْقَوْم هم الانبياء وَقيل اصحاب رَسُول الله وَقيل كل مُؤمن هَذِه امهات الاقوال بعد اقوال متفرعة عَن هَذِه كَقَوْل من قَالَ هم الانصار اَوْ الْمُهَاجِرُونَ والانصار اَوْ قوم من ابناء فَارس وَقَالَ آخَرُونَ هم الْمَلَائِكَة قَالَ ابْن جرير واولى هَذِه الاقوال بِالصَّوَابِ انهم الانبياء الثَّمَانِية عشر الَّذين سماهم فِي الايات قبل هَذِه الاية قَالَ وَذَلِكَ ان الْخَبَر فِي الايات قبلهَا عَنْهُم مضى وَفِي الَّتِي بعْدهَا عَنْهُم ذكر فَمَا يَليهَا بَان يكون خَبرا عَنْهُم اولى واحق بَان يكون خَبرا عَن غَيرهم فالتأويل فَإِن يكفر قَوْمك من قُرَيْش يَا مُحَمَّد بِآيَاتِنَا وكذبوا بهَا وجحدوا حَقِيقَتهَا فقد استحفظناها واسترعينا الْقيام بهَا رسلنَا وانبياءنا من قبلك الَّذين لَا يجحدون حَقِيقَتهَا وَلَا يكذبُون بهَا وَلَكنهُمْ يصدقون بهَا ويؤمنون بِصِحَّتِهَا قلت السُّورَة مَكِّيَّة والاشارة بقوله هَؤُلَاءِ الى من كفر بِهِ من قومه اصلا وَمن عداهم تبعا فَيدْخل فِيهَا كل من كفر بِمَا جَاءَ بِهِ من هَذِه الامة وَالْقَوْم الموكلون بهَا هم الانبياء اصلا والمؤمنون بهم تبعا فَيدْخل كل من قَامَ بحفظها والذنب عَنْهَا والدعوة اليها وَلَا ريب ان هَذَا للأنبياء اصلا وَلِلْمُؤْمنِينَ بهم تبعا واحق من دخل فِيهَا من اتِّبَاع الرَّسُول خلفاؤه فِي امته وورثته فهم الموكلون بهَا وَهَذَا ينظم فِي الاقوال الَّتِي قيلت فِي الاية واما قَول من قَالَ انهم الْمَلَائِكَة فضعيف جدا لَا يدل عَلَيْهِ السِّيَاق وتاباه لَفظه قوما إِذْ الْغَالِب فِي الْقُرْآن بل المطرد تَخْصِيص الْقَوْم ببني آدم دون الْمَلَائِكَة وَأما قَول إِبْرَاهِيم لَهُم قوم منكرون فَإِنَّمَا قَالَه لما ظنهم من الانس وايضا فلايقتضيه فخامة الْمَعْنى ومقصوده وَلِهَذَا لَو اظهر ذَلِك وَقيل فَإِن يكفر بهَا كفار قَوْمك فقد وكلنَا بهَا الْمَلَائِكَة فَإِنَّهُم لَا يكفرون بهَا لم نجد مِنْهُ من التسلية وتحقير شَأْن الْكَفَرَة بهَا وَبَيَان عدم تأهلهم لَهَا والانعام عَلَيْهِم وإيثار غَيرهم من اهل الايمان الَّذين سبقت لَهُم الْحسنى عَلَيْهِم لكَوْنهم احق بهَا وَأَهْلهَا وَالله أعلم حَيْثُ يضع هداه وَيخْتَص بِهِ من يَشَاء وايضا فَإِن تَحت هَذِه الاية إِشَارَة وَبشَارَة يحفظها وَأَنه لَا ضَيْعَة عَلَيْهَا وان هَؤُلَاءِ وَإِن ضيعوها وَلم يقبلوها فَإِن لَهَا قوما غَيرهم يقبلونها ويحفظونها ويرعونها ويذبون عَنْهَا فَكفر هَؤُلَاءِ بهَا لَا يضيعها وَلَا يذهبها وَلَا يَضرهَا شَيْئا فَإِن لَهَا اهلا ومستحقا سواهُم فَتَأمل شرف هَذَا الْمَعْنى وجلالته وَمَا تضمنه من تحريض عباده الْمُؤمنِينَ على الْمُبَادرَة اليها والمسارعة الى

<<  <  ج: ص:  >  >>