للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبُولهَا وَمَا تَحْتَهُ من تنبيههم على محبته لَهُم وإيثاره إيَّاهُم بِهَذِهِ النِّعْمَة على اعدائه الْكَافرين وَمَا تَحْتَهُ من احتقارهم وازدرائهم وَعدم المبالاة والاحتفال بهم وَإِنَّكُمْ وان تؤمنوا بهَا فعبادي الْمُؤْمِنُونَ بهَا الموكلون بهَا سواكم كثير كَمَا قَالَ تَعَالَى قل آمنُوا بِهِ اولا تؤمنوا إِن الَّذين اوتوا الْعلم من قبله إِذا يُتْلَى عَلَيْهِم يخرون للأذقان سجدا يوقولن سُبْحَانَ رَبنَا إِن كَانَ وعد رَبنَا لمفعولا وَإِذا كَانَ للْملك عبيد قدعصوره وخالفوا امْرَهْ وَلم يلتفتوا الى عَهده وَله عبيد آخَرُونَ سامعون لَهُ مطيعون قابلون مستجيبون لامره فَنظر اليهم وَقَالَ ان يكفر هَؤُلَاءِ نعمى ويعصوا امري ويضيعو عهدي فَإِن لي عبيدا سواهُم وهم انتم تطيعون امري وتحفظون عهدي وتودون حَقي فَإِن عبيده المطيعين يَجدونَ فِي انفسهم من الْفَرح وَالسُّرُور والنشاط وَقُوَّة الْعَزِيمَة مَا يكون مُوجبا لَهُم الْمَزِيد من الْقيام بِحَق الْعُبُودِيَّة والمزيد من كَرَامَة سيدهم ومالكهم وَهَذَا امْر يشْهد بِهِ الْحس والعيان واما توكيلهم بهَا فَهُوَ يتَضَمَّن توفيقهم للايمان بهَا وَالْقِيَام بحقوقها ومراعاتها والذب عَنْهَا والنصيحة لَهَا كَمَا يُوكل الرجل غَيره بالشَّيْء ليقوم بِهِ ويتعهده ويحافظ عَلَيْهِ وَبهَا الاولى مُتَعَلقَة بوكلنا وَبهَا الثَّانِيَة مُتَعَلقَة بكافرين وَالْبَاء فِي بكافرين لتأكيد النَّفْي فَإِن قلت فَهَل يَصح ان يُقَال لَاحَدَّ هَؤُلَاءِ المؤكلين انه وَكيل الله بِهَذَا الْمَعْنى كَمَا يُقَال ولي الله قلت لَا يلْزم من إِطْلَاق فعل التَّوَكُّل الْمُقَيد بِأَمْر مَا إِن يصاغ مِنْهُ اسْم فَاعل مُطلق كَمَا انه لَا يلْزم من اطلاق فعل الِاسْتِخْلَاف الْمُقَيد ان قَالَ خَليفَة الله لقَوْله ويستخلفكم فِي الارض وَقَوله وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الارض كَمَا اسْتخْلف الَّذين من قبلهم فَلَا يُوجب هَذَا الِاسْتِخْلَاف ان يُقَال لكل مِنْهُم انه خَليفَة الله لانه اسْتِخْلَاف مُقَيّد وَلما قيل للصديق يَا خَليفَة الله قَالَ لست بخليفة الله وَلَكِنِّي خَليفَة رَسُول الله وحسبي ذَلِك وَلَكِن يسوغ ان يُقَال هُوَ وَكيل بذلك كَمَا قَالَ تَعَالَى فقد وكلنَا بهَا قوما وَالْمَقْصُود ان هَذَا التَّوْكِيل خَاص بِمن قَامَ بهَا علما وَعَملا وجهادا لاعدائها وذبا عَنْهَا ونفيا لتحريف الغالين وانتحال المبطلين وَتَأْويل الْجَاهِلين وايضا فَهُوَ تَوْكِيل رَحْمَة وإحسان وتوفيق واختصاص لَا تَوْكِيل حَاجَة كَمَا يُوكل الرجل من يتَصَرَّف عَنهُ فِي غيبته لحَاجَة اليه وَلِهَذَا قَالَ بعض السّلف فقد وكلنَا بهَا قوما يَقُول رزقناها قوما فَلهَذَا لَا يُقَال لمن رزقها ورحم بهَا انه وَكيل لله وَهَذَا بِخِلَاف اشتقاق ولي الله من الْمُوَالَاة فانها الْمحبَّة والقرب فَكَمَا يُقَال عبد الله وحبيبه يُقَال وليه وَالله تَعَالَى يوالي عَبده إحسانا اليه وجبرا لَهُ ورحمه بِخِلَاف الْمَخْلُوق فَإِنَّهُ يوالي الْمَخْلُوق لتعززه بِهِ وتكثره بموالاته لذل العَبْد وَحَاجته واما الْعَزِيز الْغَنِيّ فَلَا يوالي احدا من ذل وَلَا حَاجَة قَالَ تَعَالَى وَقل الْحَمد لله الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>