للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امور احدها سَلامَة الْقلب وَصِحَّته وقبوله الثَّانِي احضاره وَجمعه وَمنعه من الشرود والتفرق الثَّالِث القاء السّمع وأصغاؤه والاقبال على الذّكر فَذكر الله تَعَالَى الامور الثَّلَاثَة فِي هَذِه الاية قَالَ ابْن عَطِيَّة الْقلب هُنَا عبارَة عَن الْعقل إِذْ هُوَ مَحَله وَالْمعْنَى لمن كَانَ لَهُ قلب واع ينْتَفع بِهِ قَالَ وَقَالَ الشبلي قلب حَاضر مَعَ الله لَا يغْفل عَنهُ طرفَة عين وَقَوله اَوْ القى السّمع وَهُوَ شَهِيد مَعْنَاهُ صرف سَمعه الى هَذِه الانباء الواعظة واثبته فِي سَمعه فَذَلِك القاء لَهُ عَلَيْهَا وَمِنْه قَوْله والقيت عَلَيْك محبَّة مني أَي اثبتها عَلَيْك وَقَوله وَهُوَ شَهِيد قَالَ بعض المتأولين مَعْنَاهُ وَهُوَ شَاهد مقبل على الامر غير معرض عَنهُ وَلَا مفكر فِي غير مَا يسمع قَالَ وَقَالَ قَتَادَة هِيَ إِشَارَة إِلَى اهل الْكتاب فَكَأَنَّهُ قَالَ ان هَذِه العبر لتذكرة لمن لَهُ فهم فَتدبر الْأَمر اَوْ لمن سَمعهَا من اهل الْكتاب فَشهد بِصِحَّتِهَا لعلمه بهَا من كِتَابه التَّوْرَاة وَسَائِر كتب بني اسرائيل قَالَ فشهيد على التَّأْوِيل الاول من الْمُشَاهدَة وعَلى التاويل الثَّانِي من الشَّهَادَة وَقَالَ الزّجاج معنى من كَانَ لَهُ قلب من شرف قلبه الى التفهم الا ترى ان قَوْله صم بكم عمي انهم لم يستمعوا اسْتِمَاع مستفهم مسترشد فَجعلُوا بِمَنْزِلَة من لم يسمع كَمَا قَالَ الشَّاعِر اصم عَمَّا سَاءَهُ سميع وَمعنى اَوْ القى السّمع اسْتمع وَلم يشغل قلبه بِغَيْر مَا يستمع وَالْعرب تَقول الق الى سَمعك أَي اسْتمع مني وَهُوَ شَهِيد أَي قلبه فِيمَا يسمع وَجَاء فِي التَّفْسِير انه يَعْنِي بِهِ اهل الْكتاب الَّذين عِنْدهم صفة النَّبِي فَالْمَعْنى اَوْ القى السّمع وَهُوَ شَهِيد اشاهد ان صفة النَّبِي فِي كِتَابه وَهَذَا هُوَ الَّذِي حَكَاهُ ابْن عَطِيَّة عَن قَتَادَة وَذكر ان شَهِيدا فِيهِ بِمَعْنى شَاهد أَي مخبر وَقَالَ صَاحب الْكَشَّاف لمن كَانَ لَهُ قلب واع لَان من لَا يعي قلبه فَكَانهُ لَا قلب لَهُ والقاء السّمع والاصغاء وَهُوَ شَهِيد أَي حَاضر بفطنته لَان من لَا يحضر ذهنه فَكَأَنَّهُ غَائِب اَوْ هُوَ مُؤمن شَاهد على صِحَّته وانه وَحي من الله وَهُوَ بعض الشُّهَدَاء فِي قَوْله لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَعَن قَتَادَة وَهُوَ شَاهد على صدقه من اهل الْكتاب لوُجُود نَعته عِنْده فَلم يخْتَلف فِي ان المُرَاد بِالْقَلْبِ الْقلب الواعي وان المُرَاد بالقاء السّمع إصغاؤه وإقباله على الْمُذكر وتفريغ سَمعه لَهُ وَاخْتلف فِي الشَّهِيد على اربعة اقوال احدها انه من الْمُشَاهدَة وَهِي الْحُضُور وَهَذَا اصح الاقوال وَلَا يَلِيق بالاية غَيره الثَّانِي انه شَهِيد من الشَّهَادَة وَفِيه على هَذِه ثَلَاثَة اقوال احدها انه شَاهد على صِحَة مَا مَعَه من الايقان الثَّانِي انه شَاهد من الشُّهَدَاء على النَّاس يَوْم الْقِيَامَة الثَّالِث انه شَهَادَة من الله عِنْده على صِحَة نبوة رَسُول الله بِمَا علمه من الْكتب الْمنزلَة وَالصَّوَاب القَوْل الاول فَإِن قَوْله وَهُوَ شَهِيد جملَة حَالية وَالْوَاو فِيهَا وَاو الْحَال أَي القى السّمع فِي هَذِه الْحَال وَهَذَا يقتضى ان يكون حَال القائه السّمع شَهِيدا

<<  <  ج: ص:  >  >>